لقدْ كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رحيماً، داعياً إلى دينهِ بالرَّحمةِ، وكانَ في كلِّ شيءٍ في سيرتهِ داعياً إلى الرَّحمةِ والعطفِ، ومنْ مظاهرِ رحمتهِ عليهِ أفضلُ الصَّلاةُ وأتمُّ التَّسليم؛ رحمتهُ بالنَّاسِ وهوَ يُصلِّي بهمْ فيخفِّفُ عنهُ، ويوجزُ عندما يسمَعُ بكاءِ الصَّبيِّ شوقاً لأمِّهِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ في الصَّحيح: ((حدَّثَنا عليُّ بنُ عبدِ اللهِ، قال: حدَّثَنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: حدَّثَنا سعيدٌ، قال: حدَّثَنا قَتادةَ، أنَّ أنَسَ بنَ مالكٍ حدَّثَهُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: (إنِّي لأّدْخُلُ في الصَّلاةِ، وأنا أُريدُ إطالتَها فأسمعُ بكاءَ الصَّبيِّ، فأَتَجوَّزُ في صلاتي؛ مِمَّا أعلَمُ منْ شدَّةِ وجْدِ أُمِّهِ منْ بُكائهِ). رقمُ الحديثِ:709)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كتابِ الأذانِ، بابُ منْ أخفَّ الصَّلاةَعندَ بكاءِ الصَّبيِّ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ أنسٍ، وهوَ خادمُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنسُ بنُ مالكٍ الأنْصاريُّ النَّجّاريُّ، وهوَ منْ المكثرينَ للحديثَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ:
- عليُّ بنُ عبدِ الله: وهوَ أبو الحسنِ، عليُّ بنُ عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ السَّعديُّ (161ـ234هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- يزيدُ بنُ زريعٍ: وهوَ أبو مُعاويةَ، يزيدُ بنُ زريعٍ التَّيميُّ البصريُّ (؛101ـ 182هـ)، والملقَّبِ بريحانةِ البصرةِ، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- سعيدٌ: وهوَ أبو النَّضرِ، سعيدُ بنُ أبي عروبةَ العدويُّ (ت:156هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ أتباع التَّابعين.
- قتادةَ: وهوَ أبو الخطَّابِ، قتادةُ بنُ دِعامةَ السَّدوسيُّ (60ـ117هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ الثِّقاتِ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى دعوةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى التَّخفيفِ في الصَّلاةِ عندَ سماعِ بكاءِ الصَّبيِّ على أمِّهِ، ويروي عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّهُ كانَ يدخلُ المسجدَ للصَّلاةِ ناوياً الإطالةَ فيسمعُ صبياً يبكي على أمِّه فيجيزُ في الصَّلاةِ رحمةً بالأمِّ لما يعلمُ منْ حرقتها وانشغالها من بكاءِ ولدِها، وأورَدَ بعضُ أهلِ العلمِ في سببِ ذلكَ كي لا تنشغلَ الأمُّ ببكاءِ ابنها عنِ الصَّلاةِ فلا تُتمَّها.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديثِ:
- الإسلامُ دينُ الرَّحمة.
- رحمة النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بأمَّتِهِ الصَّغيرُ والكبيرُ.
- وجوبُ خشوعِ المسلمِ بالصَّلاةِ وعدمِ انشغالهِ بغيرها.