لقدْ خلقَ الله تعالى الإنسانَ واستخلفه في دار امتحانٍ وابتلاء، وجعلَ لهُ منَ الثّواب والجزاءِ ما كانَ نتيجةَ عمله في الدّنيا، وكما أنّ اللهَ تعالى وعدَ المؤمنين بالجنّة؛ وعدّ الكفارَ والمشركينَ نارَ جهنّمَ، وفي نارِ جهنّمَ منَ العذابِ المقيمِ، وسنعرضُ حديثاً في صفةِ حرِّ جهنّمَ.
الحديث:
روى الإمام البخاري رحمة الله عليه في الصّحيح: ((حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيبٌ، عنِ الزّهريِّ، قال: حدّثني أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرّحمنِ، أنّهُ سمعَ أبا هريرةَ يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “اشتكتِ النّارُ إلى ربّها، فقالتْ: ربِّ أكلَ بعضي بعضاً. فأذنَ لي بنفسينِ؛ نفسٌ في الشّتاءِ ونفسٌ في الصّيفِ، فأشدُّ ما تجدونَ منَ الحرِّ، وأشدُّ ما تجدونَ من الزّمهرير” رقمُ الحديث:3260)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويه الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ بدءِ الخلقِ؛ بابُ صفةُ النّارِ وأنّها مخلوقةٌ، والحديث منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديث منَ الصّحابةِ ، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ الآخرونَ:
- أبو اليمان: وهوَ الحكمُ بنُ نافعٍ البهرانيُّ الحمصيُّ (138ـ221هـ)، وهوَ من ثقات الحديث منْ تبع أتباع التّابعين.
- شعيبٌ: وهوَ أبو بشرٍ، شعيبُ بنُ أبي حمزةَ دينارٍ القرشيُّ الأمويُّ (ت:162هـ)، وهوَ منَ الثّقات الرّواةِ للحديثِ منْ أتباع التّابعين.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ مشاهير المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعين.
- أبو سلمةَ: وهوَ أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيُّ (ت:93هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقات منَ التّابعين.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى صفةِ النّارِ وحرّها، فكما بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ النّارَ اشتكت إلى الله عزّ وجلِّ شدّةُ الحرِّ الّذي يأكلُها، وكيفيّةُ شكوتها هي أنّ اللهَ تعالى أنطقها وتكلّمتْ كما قالَ أهلُ العلمِ، وبعدَ شكوتها سمحُ اللهُ لها بنفسينِ يهوّنانِ عليها أحدهما في الصّيفِ وأخرُ في الشّتاءِ، ثمَّ يبيّنُ النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّما يجدُ الإنسانُ منْ حرِّ الصّيفِ فهوَ منْ نفسِ جهنّمَ في الصّيفِ، وما يجدهُ منْ بردِ الشّتاءِ منْ نفسِ جهنّمَ شتاءً.
ما يرشدُ إليه الحديث:
منَ الفوائد من الحديث:
- المؤمنُ يبتعدُ عنْ ما يقرّبهُ منْ نارِ جهنّمَ لشدّة عذابها وحرّها.
- لجهنّمَ نفسينِ في الصّيف أحدهما والآخرُ في الشّتاءِ تخفيفاً لها منَ الله عزّ وجلّ.