إنَّ للجنائزِ في الفقهِ الشّرعيِّ منَ الأحكامِ ما وضَّحها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، لمْ نزلْ نبحثُ في أحكامِ الجنائزِ منَ السُّنَّةِ والحديثِ، لنصلَ إلى أحكامِ اتِّباع الجنائزِ، ومررْنا بشواهدَ منَ الحديثِ النَّبويِّ عنْ كراهةِ اتّباعِ المرأةِ للجنائزِ، وسنعرضُ حديثاً في النّهي عنْ ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كتابِ الجنائزِ: ((حدَّثَنا قبيصَةُ بنُ عُقبةَ، حدَّثنا سفيانُ، عنْ خالدٍ، عنْ أمِّ الهذيلِ، عنْ أمِّ عطيَّةَ رضيَ اللهُ عنها، قالتْ: نُهينا عنِ اتِّباعِ الجنائزِ، ولمْ يُعْزَمْ علينا)). رقمُ الحديثِ:1278.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّد بنُ إسماعيلَ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كتابِ الجنائزِ؛ بابُ اتِّباع النِّساءِ للجنائزِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيَّةِ الجليلةِ أمُّ عطيَّةَ الأنْصاريَّةِ رضيَ اللهُ عنها، وهي نُسيبةُ بنتُ كعبٍ الأنْصاريَّةُ المدنيَّةُ، وهيَ منْ راوياتِ الحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجال الحديثِ فهم:
- قبيصةُ بنُ عقبةَ: وهوَ أبو عامرٍ، قبيصةُ بنُ عقبةَ بنِ محمّدٍ السّوائيُّ العامريُّ (ت:213هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- سفيانُ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، سفيانُ بنُ سعيدِ بنِ مسروقَ الثّوريُّ الكوفيُّ (97ـ161هـ)، وهوَ منْ أعلمِ المحدِّثينَ الثِّقاتِ منْ أتباعِ التَّابعينَ.
- خالدٌ: وهوَ أبو المنازلِ، خالدُ بنُ مهرانَ الحذّاءُ البصريُّ (ت:141هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدِّثينَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- أمُّ الهذيلِ: وهيَ أمُّ الهذيلِ، حفصةُ بنتُ سيرينَ الأنْصاريّةُ البصريّةُ وأختُ محمَّدِ بنِ سيرينَ المحدِّثِ (ت: بعدَ 100هـ)، وهيَ منْ المحدِّثاتِ الثِّقاتِ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى حكمِ اتِّباعِ المرأةِ للجنائزِ، وهو منهيُّ عنهُ، لما وردَ منْ روايةِ أمِّ عطيَّةَ الأنْصاريَّةُ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في نهي النِّساءِ أنْ تخرجَ وراءَ الجنائزِ، وعدمُ العزمِ عليها دلالةُ الكراهةِ لا دلالةُ التَّحريمِ، فلو كانَ محرَّماً لعزمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في جكمِ ذلكَ كما كانَ يعزمُ في أحكامٍ أخرى، وحكمةُ الكراهةِ في ذلكَ لما كانَ للمرأةِ منْ عاطفةٍ تغلبُ عقلها في البكاءِ والنِّياحةِ وما شابهَ ذلكَ منْ أفعال الجاهليَّةِ، كما جاءَ النَّهيُّ عنْ زيارتها للقبورِ لنفسِ العلَّةِ واللهُ تعالى أعلمُ.
ما يرشدُ إليه الحديث:
منَ الدّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديث:
- النَّهيُّ عنْ اتّباعِ النِّساءِ للجنازةِ.
- نهي النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للنِّساءِ باتّباعِ الجنازةِ نهي كراهةٍ لا تحريمٍ.