لقدْ أخبرَ اللهُ تعالى أنبياءهُ ورسلهُ بكثيرٍ منْ العلمِ عندهُ، كما أخبرهمْ بشيءٍ منْ علمِ الغيبِ، ما يحدُثُ في المستقبلِ، ومنها أحداثُ الفتنِ والملاحمِ الَّتي أخبرَ بها نبيَّهُ محمَّداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، لكنَّ اللهَ تعالى استأثرِ بكثيرٍ منْ علمِ الغيبِ عنده، فلمْ يعلمهُ أحدٌ منَ الخلقِ، ومنها مفاتيح الغيبِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثنا محمَّدُ بنُ يوسفَ، حدَّثنا سفيانُ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ، عنِ ابنِ عمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (مفتاحُ الغيبِ خمسٌ لا يعلمها إلَّا اللهُ، لا يعلمُ أحدٌ ما يكونُ في غدٍ، ولا يعلمُ أحدٌ ما يكونُ في الأرحامِ، ولا تعلمُ نفسٌ ماذا تكسبُ غداً، وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموتُ، وما يدري أحدٌ متى يجيءُ المطرُ). رقمُ الحديث:1039)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الاستسقاءِ؛ بابُ لا يدري متى يجيءُ المطرُ إلّا اللهُ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ بنِ الخطَّابِ القرشيُّ العدويّ، وهوَ منَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ منَ الصّحابةِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجال الحديث:
- محمَّدُ بنُ يوسفَ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، محمَّدُ بنُ يوسفَ الريابيُّ الضَّبيُّ (120ـ212هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في روايةِ الحديث.
- سفيانُ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، سفيانُ بنُ سعيدِ بنِ مسروقَ الثَّوريُّ الكوفيُّ (97ـ161هـ)، وهوَ منَ الثِّقاتِ المحدِّثينَ منْ أتباع التّابعين.
- عبدُ اللهِ بنُ دينارٍ: وهوَ أبو عبدُ الرَّحمنِ، عبدُ اللهِ بنُ دينارٍ القرشيُّ العدويُّ (ت:127هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدِّثينَ منَ التَّابعينَ عنِ الصَّحابةِ رضيَ اللهُ عنهمْ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى مفاتحِ الغيبِ، ومفاتحُ الغيبِ تعني خزائن الغيبِ وما تخفي، وهي ما استأثرهُ اللهُ تعالى في علمهِ فلمْ يخبرْ أحداً بهِ، وقدْ عدَّ الحديثُ مفاتحَ الغيب وهي خمسةٌ:
- علمُ المستقبل: وهوَ ما يحدثُ في الغدِ منْ أحداثٍ وأقدارٍ.
- علمُ ما في الأجنَّة: وهي ما يتَّصلُ بما في الأرحامِ منْ مواليدَ.
- كسبُ الغدِ: وهي ما تكسبه النَّفسُ الإنسانيَّةِ منْ رزقٍ وعملٍ وأقدارٍ ونحوَ ذلكَ.
- علم الموت: وهوَ اينَ ستقبضُ روحُ الإنسانِ.
- موعدُ نزولِ المطرِ: أي متى ينزلُ المطرُ منَ السَّماءِ وأينَ ينزلُ.
وهو مصداقاً لقول الله تعالى:((إنَّ اللهَ عندهُ علمُ السَّاعةِ وينزلُ الغيَث ويعلمُ ما في الأرحامِ وما تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غداً وما تدري نفسُ بأيِّ أرضٍ تموتُ إنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ)).
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديث:
- علمُ الغيبِ عندَ اللهِ لا يعلمهُ أحدٌ.
- مفاتح الغيب خمسة: علم الغد، وعلم ما في الأرحام، وعلم كسب الغد، وعلم مكان الموت وعلمُ المطر.