لقدْ كانَ للأنصار في زمنِ النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلامُ منَ الفضلِ الكبيرِ في نشرِ دينِ الإسلامِ، ونصرةِ نبيّنا محمّدٍ عليه الصّلاةُ والسّلامُ في زمنٍ لقيَ منْ أقربائهِ وأهله في مكّةَ أشدّ أنواع الكفرِ والتعذيبِ، ولقدْ كانَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ منْ أكثرِ النّاسٍ حبّاً لهمْ، وقدْ وردَ في الحديثِ في كثيرٍ منَ الشّواهدِ بيانِ حبِّه لهم، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمام البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثني محمّدُ بنُ بشارٍ، حدّثنا غُنْدرٌ، حدّثنا شعبةُ، عنْ محمّدِ بنِ زيادٍ، عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أو قالَ أبو القاسمِ صلّى الله عليه وسلّمَ: “لو أنّ الأنصارَ سلكوا وادياً، أو شعباً لسلكتُ في وادي الأنْصارِ، ولولا الهجرةُ لكنتُ امْرَأً منَ الأنصارِ”. فقالَ أبو هريرةَ: ما ظلمَ بأبي وأُمّي آوَوْهُ ونَصروهُ)). رقمُ الحديث:3779.
ترجمة رجال الحديث:
الحديث النّبويُّ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ مناقبِ الأنصارِ، بابُ قولِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “لولا الهجرةُ لكنتُ منَ الأنصارِ”، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديث، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ الآخرون:
- محمّدُ بنُ بشّار: وهوَ أبو بكرٍ، بُندارُ، محمّدُ بنُ بشّارِ بنِ عثمانَ العبديُّ (167ـ252هـ)، وهوَ منْ كبارِ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- غندرٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، محمّدُ بنُ جعفرٍ الهذليُّ، والمعروفِ بغندرٍ (ت:193هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ تبع الأتباعِ.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- محمّد بن زيادٍ: وهوَ أبو الحارثِ، محمّدُ بنُ زيادٍ القرشيُّ، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقات في الرّواية للحديث.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى بيانِ فضلِ الأنصارِ ومناقبهم، والأنْصارُ همْ منْ آوَوْا رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّمَ ونصروهُ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّهمْ أحبَّ النّاسِ إليهِ وضربَ مثلاً على حبّهِ لهم وهوَ أنّهمْ لو سلكوا طريقاً أو وادياً لاتّبعهمْ فهوَ المتبوعُ لا التّابعُ إلّا للهِ، وقدْ أرادَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمَ استمالةُ قلوبهمْ، وبيّنَ موافقتهمْ له ونصرتهِ ولولا أنْ كانَ مع المهاجرينَ لكانَ منهمْ، وذلكَ لما لقيَ منْهمْ منْ حسنِ الجوارِ والضّيافةِ.
ما يرشد إليه الحديث:
من الفوائد من الحديث:
- فضلُ الأنصارِ في حماية النّبيِّ عليه السّلامُ ونصرته.
- حب النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلام للأنصارِ.