لقدْ فرضَ اللهُ تعالى عباداتِ الإسلامِ على كلِّ مسلمٍ، وقدْ كانَ الحجُّ في الإسلام لهُ منَ الفريضةِ الّتي يتقرّبُ بها الإنسانُ إلى الله تعالى، كما لهُ منَ الأحكامِ الّتي بيّنها النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في الحديثِ، ومن أحكامِ الحجّ ما بيّنهُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ منَ المواقيتِ المكانيّة، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا يحيى بنُ يحيى، وخلفُ بنُ هشامٍ، وأبو الرّبيعِ، وقتيبةُ، جميعاً عنْ حمّادٍ، قال يحيى: أخبرنا حمّادُ بنُ زيدٍ، عنْ عمرو بنِ دينارٍ، عنْ طاؤسَ، عنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُما، قال: وقّتَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ لأهلِ المدينةِ ذا الحليفةِ، ولأهلِ الشّامِ الجُحْفةَ، ولأهلِ نجدٍ قرنَ المنازلِ، ولأهلِ اليمنِ يلملمَ، قال: “فهنَّ لهنَّ، ولمنْ أتى عليهنَّ منْ غيرِ أهلهنَّ ممّنْ أرادَ الحجَّ والعمرةَ، فمنْ كانّ دونهنَّ فمنْ أهلهِ، وكذا، فكذلكَ حتّى أهلُ مكَّةَ يُهلّونَ منها”)). رقمُ الحديث:11/1181.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الحجِّ، بابُ: (مواقيتُ الحجِّ والعمرة)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنُ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ حبرُ الأمّةِ عبدُ اللهِ بنُ عبّاسِ بنِ عبدِ المطّلبِ القرشيُّ، منَ الصّحابةِ المكثرينَ في رواية الحديث، أمّا بقيّةُ رجالِ السّندِ البقيّة:
- يحيى بنُ يحيى: وهوَ أبو زكريا، ريحانةُ نيسابورَ، يحيى بنُ يحيى بنِ بكرٍ التّميميُّ (142ـ226هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقات.
- خلفُ بنُ هشامٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، خلفُ بنُ هشامٍ البغداديُّ (150ـ229هـ)، وهوَ من تبعِ الأتباع الثّقات.
- أبو الرّبيعِ: وهوَ سليمانُ بنُ داوودَ العتكيُّ (ت: 234هـ)، وهوَ أيضا منْ ثقاتِ تبعِ الأتباع.
- قتيبة: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثّقفيُّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ تبعِ الأتباع.
- حمّادُ: وهوَ أبو إسماعيلَ، حمّادُ بنُ زيدٍ الأزديُّ (98ـ179هـ)، وهو منْ ثقاتِ رواة الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- عمرو بن دينارٍ: وهوَ أبو محمّدٍ الأثرمُ، عمرو بنُ دينارٍ المكّيُّ (46ـ126هـ)، منْ ثقاتِ التّابعينَ المحدّثين.
- طاؤس: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، طاؤسُ بنُ كَيسانَ اليمانيُّ (ت:104هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقات في الرّواية عنِ الصّحابة.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى مواقيتِ الحجِّ والعمرة المكانية، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ ذلكّ حسبَ مكانِ المحرمِ لهما، والمقصودُ بالمواقيتِ المكانية هوَ ما حدّده النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ الأماكنِ للإحرامِ للحجِّ والعمرة كلُّ حسبَ مكانِه، والمواقيتُ هي خمسةٌ:
- ذا الحليفةِ: وهوَ ميقاتُ أهلِ المدينةِ، وهوَ مايسمّى بآبار علي، وهو مكانٌ خارج المدينة المنوّرة.
- الجحفة: وهوَ ميقاتُ أهل الشّامِ ومنْ جاءَ منْ مناطقِ الشّام، والجحفة ويقعُ بالقربِ منْ منطقةِ رابغ، ويقعُ بالقربِ منْ مكّةَ المكرّمة بمسافةِ 138كيلو ميتر تقريباً.
- قرن المنازل: وهوَ ميقات أهلِ نجدٍ، وهي منطقةُ بالشّمالِ منْ مدينة الطّائفِ، وهي ما تسمّى اليوم السّيلُ الكبير.
- يلملم: وهوَ ميقاتُ أهل اليمنِ، ويلملمُ هي منطقةُ تابعةُ لمكّةَ المكرّمة.
- بيوت مكّة: وهوَ ميقاتُ أهلِ مكّةَ المكرّمة كلٌّ منْ بيته.
ما يرشدُ إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- وجوبُ الحجِّ على المسلمين والإحرام منَ المواقيت.
- بيانُ النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلام لمواقيتِ الحجّ والعمرة المكانيّة.