لقدْ كانَ محمَّدٌ صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ مثالاً بشرياً للأخلاقِ، فلمْ يرى الصَّحابةُ منهُ إلَّا كلَّ خلقٍ كريمٍ، وقدْ كانَ بأخلاقهِ منهجاً يعالجُ بهُ جميعَ جوانبِ الحياةِ، وسنعرضُ حديثاً في سنّتهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ معَ الطعام وشكرهِ لله تعالى.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كِتابِ المناقبِ: ((حدَّثني عليُّ بنُ الجعدِ، أخبرنا شعبةُ، عنِ الأعمشِ، عنْ أبي حازمٍ، عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، قالَ: ماعابَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ طعاماً قطُّ، إنْ إشتهاهُ أكلهُ وإلَّا تركهُ)). رقمُ الحديثِ:3563.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكور يرويهِ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلُ البخاريُّ في صحيحه في كِتابِ المناقبِ، بابُ صفةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ، وهوَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ صخرٍ الدُّوسيُّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ منَ المكثرينَ للحديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- عليُّ بنُ الجعدِ: وهوَ أبو الحسن، عليُّ بنُ الجعدِ الجوهريُّ (134 ـ 230هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في روايةِ الحديث.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجَّاجِ العتكي (82 ـ 160هـ)، وهوَ منْ أشهر المحدِّثينَ الثِّقات منْ أتْباعِ التَّابعين.
- الأعمشِ: وهوَ أبو محمَّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأسديُّ الأعمشُ (61 ـ 145هـ)، وهوَ منْ كبارِ المحدِّثينَ منَ التَّابعينَ عنِ الصَّحابةِ.
- أبو حازمٍ: وهوَ سلمانُ الأشجعيُّ (100هـ)، منْ كبارِ التَّابعينَ في الرِّوايةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى صفةٍ خُلقيَّةٍ منْ صفاتِ سيِّدنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وهي صفةُ عدمِ التنقيصِ منَ الطَّعامِ، وشكر النعمةِ، فما عُرضَ على رسولِ اللهِ صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ طعاماً لا يحبُّهُ ونقَّصَ فيهِ وعابهُ، فكانَ إذا أعجبهُ أكلَ منْهُ وإذا لمْ يعجبهُ لمْ يأكل، وكانَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامَ إذا دخلَ ولمْ يجدْ ما يحبُّهُ منَ الطَّعامِ حمدَ اللهُ ونوى الصِّيامَ، وفي عدمِ الكلامِ فيهِ والتنقيصِ منهُ منْ مظاهرِ شكرهِ وحمدهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ للهِ ونعمائهِ، وفي هذا دعوةُ للأمَّةِ في أتِّباعِ سنَّتهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامِ بحمدِ النِّعمةِ وقبولها وعدمِ التنقيصِ منها.
ما يرشد إليه الحديث:
يرشدُ الحديثُ إلى كثيرٍ منَ الفوائدِ والدُّروسِ منها:
- شكر النعمة منْ واجباتِ المسلم.
- عدمُ التنقيصِ منَ الطّعامِ منْ صفاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
- على المسلمِ الإقتداءُ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وفي إتِّباعِ سنّته الأجر والثَّواب.
- شكرُ النعمةِ يقودُ إلى دوامها.