كم هي جميلةٌ سِيَرُهم وتضحياتُهم في سبيل هذا الدّين، أفنوْا أعمارَهم وهم يبحثون عن حديثٍ هنا وحديثٍ هناك، فمنهم من كان ملازماً للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتعلّم من حديثه ويكثر في الفَهم فكانوا بوّابة الرّواية للتّابعين من بعدهم ووَرِث التّابعون هذا العلم عن الصّحابة فكانوا رواة يتعلّمون ويعلّمون، ويقرأون على كبرائهم وينقلون، وكُتِبَتْ أسماؤهم من ذهب في كتب الحديث النّبويّ، نتوقف مع سيرة راوٍ من التّابعين المحدّثين، إنّه حَُميْد الطّويل، تعالوا لنقرأ في سيرتة المعطّرة رحمه الله تعالى.
نبذة عن حميد الطويل
هو: التّابعيّ الجليل، أبو عبيدةَ، حميد بن مهران، كان مولى لطلحة بن عبدالله الخُزاعيّ، ولَقِّب بالطويل ليس لطوله بل لطولِ يديه، من التّابعين في رواية الحديث، كان يسكن البصرة وكان مرجعاً للحديث بين أقرانه وطلبة العلم، وروي أنّه توفي وهو في الصّلاة وكانت وفاته في العام الثالث والأربعين بعد المائة من الهجرة النّبويّة الشّريفة يرحمه الله.
روايته للحديث
كان حُمَيد بن مَهران الطّويل من رواة الحديث عن الصّحابة الأجلّاء، وممّن روى عنهم منهم: أنس بن مالك رضي الله عنه، كما روى عن جمعٍ من التّابعين من أمثال: الحسن البصريّ وثابت البنانيّ وعبدالله بن شقيق العثقَيليِّ وعكرمة مولى عبدالله بن عبّاس وموسى بن أنس ونافع مولى عبدالله بن عمر ويحيى بن سعيد وغيرهم يرحمهم الله، كما روى الحديث من طريقه كثير من الرّواة منهم: إسماعيل بنُ عُلَيَّة وحَفص بن غيّاث وحمّاد بن سلَمةَ والسّفيانان الثوريّ وابن عيينة وشعبة بن الحجّاج والفٌضَيْل بنُ عِياض وحمّادُ بن زيدٍ ومالك بنث أنس ومعاذُ بنُ معاذٍ وغيرهم، وكان من أهل الثّقة في الرّواية وروى له جماعة الحديث.
من رواية حميد الطّويل للحديث
ممّا ورد من رواية الحديث من طريق حُميد بن مَهران ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: ((حدّثنا معاذ بن معاذٍ عن حميد، عن عبدالله بنِ شَقِيقٍ العُقَيليّ قال: سألتُ عائشة عن صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باللّيلِ؟ فقالت: كان يُصَلِّي ليلْاً طويلاً قائِماً و ليْلاً طويلاً قاعِداً وكان إذا قرأ قائِماً رَكَع قائِماً وإذا قَرَأَ قاعِداً رَكَعَ قاعِداً ))، من كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث730.