خصائص عقيدة أهل السنة ومميزاتها

اقرأ في هذا المقال


اتصف أهل السنة بمجموعة من الصفات، التي جعلتهم أكثر مكانة وعلواً بين غيرهم من العلماء، وأصحاب المذاهب، وأهمها اتّباعهم لما جاء في القرآن الكريم والسنة في عقيدتهم واعتقاداتهم، وكان لهم اعتقادات خاصة تميّزت بمجموعة من الصفات والخصائص، ستكون محور الحديث في هذا المقال.

خصائص عقيدة أهل السنة ومميزاتها:

أولاً: سلامة المصدر:

تتميز عقيدة أهل السنة بأنها تعتمد على مصادر سليمة، وهي كتاب الله عز وجلّ، والسنة النبوية الشريفة، ثم الإجماع، وهذه صفة تميزت بها عقيدة أهل السنة عن مذاهب أهل البدع وعلماء الكلام، الذين يستندون في اعتقاداتهم على المصادر الباطلة غير الموثوقة، كما أنهم يعتمدون على حدسهم وعقولهم، وما يلهمهم وجدانهم؛ لإثبات معتقداتهم، بعكس أهل السنة الذين يؤسسون معتقداتهم على المصادر السليمة، التي لا نقص فيها ولا باطل.

ثانياً: قيامها على التسليم لله ورسوله:

من المقومات التي تُبنى عليها عقيدة أهل السنة، هي أن يُطلقوا تصديقهم ويقينهم بالله تعالى ورسوله الكريم؛ لأنّ اعتقاد الغيبيات وتصديقها يشكل أهم مضامين العقيدة في الإسلام، والإيمان بالغيب يتطلب التسليم لله تعالى ولرسوله _صلى الله عليه وسلم_، وقد مدح الله سبحانه وتعالى المؤمنين الذين يُسلّمون بالغيب، وذلك في قوله تعالى:الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ سورة البقرة 3.

ثالثاً: اتصال سندها بالرسول والسلف:

يتصل سند عقيدة أهل السنة بالرسول _صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، ومطابقة أقوال السنة والسلف وأعمالهم، كانت من أهم خصائص عقيدة أهل السنة، بخلاف المذاهب والعقائد الأخرى، حيث خالف الكثير من تلك العقائد السنة والسلف في معتقداتهم، التي كانت موضوعة ومحدثة، لا تتصل بسند ولا دليل.

رابعاً: الوضوح والبيان:

عقيدة أهل السنة واضحة لا غموض فيها ولا تناقض، وتخلو من التعقيد، وهي عقيدة مفهومة ومدروسة في ألفاظها ومعانيها، والسبب في ذلك أنها عقيدة مستمدة من القرآن الكريم، والسنة النبوية، ولا لغو في كلام الله تعالى، وكلام رسوله _صلى الله عليه وسلم_.

خامساً: سلامتها من الاضطراب والتناقص:

تعتمد عقيدة أهل السنة على الوحي، وقوة صلة أهل السنة بربهم، وحرصهم على تحقيق العبودية لله تعالى وحده، ويقينهم الجازم بالحق، وابتعادهم عن الشبهات والظنون في دينهم، لذلك تخلو من أي اضطراب أو تناقض، لكن بالمقابل لا تخلو عقائد أهل البدع من العلل والشكوك.

سادساً: تعتبر عقيدة الجماعة والإجماع:

تعتبر عقيدة أهل السنة عقيدة الجماعة والإجماع؛ لأنها السبيل الأمثل لتوحيد صفوف المسلمين، وجمع شملهم، والوسيلة الأكثر فعالية لإصلاح ما يختل من أمور دينهم ودنياهم، وهذا ما لا تستطيع أي عقيدة أخرى تحقيقه.

سابعاً: البقاء والثبات والاستقرار:

إنّ عقيدة أهل السنة هي عقيدة ثابتة إلى قيام الساعة، فهي عقيدة محفوظة؛ لأنها تستند إلى مصادر ثابتة ومحفوظة بإذن الله تعالى، مستقرة في ألفاظها ومعانيها، مهما تغيرت العصور والأزمان.

ثامناً: التوقيفية:

تظهر التوقيفية في عقيدة أهل السنة لأنها مقتبسة من الكتاب والسنة، ولا مجال لإشغال العقل والموهبة فيها، ولا يعارضون ما جاء به الوحي من نصوص، ولا يعتدون بتحريف أو تأويل.

تاسعاً: العقلانية:

تتميز عقيدة أهل السنة بموافقتها للعقل السليم، ومراعاته لأن تكون معتقداتهم ضمن ما يستوعبه، واستغلال طاقات العقول السليمة فيما يحقق المنفعة والفائدة، والاعتراف بمكانة أهل العقول وإعلاء منزلتهم.

عاشراً: الوسطية:

تتميز عقيدة أهل السنة بالوسطية بين العقائد الأخرى؛ لأنها تنتسب إلى دين الحق، وتكون أراء أهل السنة في عقيدتهم وسط، بين مَن يُقصّرون في العقيدة، ومَن يُبالغون في أمور العقيدة وأبوابها.

أثر الابتعاد عن عقيدة أهل السنة:

إن العقيدة الإسلامية هي الطريق الوحيد الذي يُخرج الإنسان من الحيرة، والظنون والمعتقدات المريبة في حقائق الكون، ويقدم له ما صحّ من المعتقدات السليمة، التي تبيّن له الحق، وقد قام بعض العلماء بالبحث في أمور العقيدة، خارج إطار القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فما كان لهم إلّا أن زادهم هذا البعد من الحيرة والشكوك في أبحاثهم.

وعاد كثير من هؤلاء العلماء لدين الحق، بعد رحلات طويلة ومتعبة من البحث والدراسة، كما أعلنوا أنهم وقعوا في حيرة كبيرة، خلال هذه البحوث والقراءات. ومن الأمثلة على هؤلاء العلماء، الإمام أبو الحسن الأشعري، الذي اعترف بحيرته آخر حياته، ورجع في أبحاثه ضمن أبواب العقيدة الإسلامية، إلى عقيدة أهل السنة، وكان له كتاب “الإبانة عن أصول الديانة”.


شارك المقالة: