ذكر الله عز وجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

اقرأ في هذا المقال


ذكر الله عز وجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يعدون للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد الكثير من الاستغفار، يقول ابن عمر رضي الله عنهما: “إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ يَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” (رواه أحمد).
وقالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أحْيَانِهِ” (رواه مسلم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ”(رواه البخاري).
وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الكرام ويحضهم على الذكر قائلًا لهم: “أَلا أُنَبئُكُمْ بخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذهَب وَالوَرِقِ [الفضة] وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى»”(رواه الترمذي وابن ماجه).
حيث قد جعل لمجالس الذكر فضلًا عظيمًا فقال صلى الله عليه وسلم “لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ” (رواه مسلم).
يقول الله سبحانه وتعالى – في الحديث القدسي-: “أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أتَانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً” (متفق عليه).
كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ربه عز وجل في كل أمر وأيضاً في كل شأن ومن ذلك أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “كَانَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى فِرَاشِهِ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثًُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا وَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) (سورة الإخلاص)، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) (سورة الفلق)، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) (سورة الناس)، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ. يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ»” (متفق عليه).
وإذا استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه ذكر الله عز وجل فقال عليه الصلاة والسلام: “الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أحْيانَا بَعْدَ مَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ” (رواه البخاري)، وكان ذكر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إذا أراد دخول الخلاء قال: “«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ»” (رواه البخاري). [الخُبْثُ: ذكور الشياطين، والخَبَائِثُ: إناثهم]”،وإذا خرج النبي الكريم محمد عليه الصلاة من الخلاء يقول: «غُفْرَانَكَ» (رواه أحمد)، فكأن النبي محمد يستغفر من سكوته عن الذكر بلسانه وهو في الخلاء.
وإذا أقبل النبي محمد على وضوئه يقول: “بِاسْمِ اللَّهِ»” (رواه أحمد)، وإذا فرغ النبي محمد من وضوئه قال: “«أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَـُه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ..»”(رواه مسلم) ويزيد النبي محمد عليها قولـه: “«اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ»” (رواه الترمذي).
وإذا خرج الرسول الكريم محمد من بيته يقول: “«بِاسْمِ اللهِ، توكلتُ على اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أوْ أُضَلَّ أَوْ أزلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أو أَجهلَ أَوْ يُجْهَلَ عَليَّ»” (رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه).
وعندما يدخل أو يخرج النبي الكريم من المسجد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: “«إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ»”. (رواه مسلم).

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من صلاته يستغفر الله ثلاثًا، ومن ثم يقول:“«اللّهُـمَّ أَنْـتَ السَّلامُ، وَمِـنْكَ السَّلام، تَبارَكْتَ يا ذا الجَـلالِ وَالإِكْـرام» (رواه مسلم)، ثم يقول أيضًا: «لا إلهَ إلَّا اللّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْد، وهوَ على كلّ شَيءٍ قَدير، اللّهُـمَّ لا مانِعَ لِما أَعْطَـيْت، وَلا مُعْطِـيَ لِما مَنَـعْت، وَلا يَنْفَـعُ ذا الجَـدِّ مِنْـكَ الجَـدُّ».(متفق عليه). ثم يقول: «لا إلهَ إلَّا اللّه وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحَمد، وهوَ على كلّ شيءٍ قدير، لا حَـوْلَ وَلا قـوَّةَ إِلاّ بِاللهِ، لا إلهَ إلَّا اللّـه، وَلا نَعْـبُـدُ إِلاّ إيّـاه، لَهُ النِّعْـمَةُ وَلَهُ الفَضْل وَلَهُ الثَّـناءُ الحَـسَن، لا إلهَ إلَّا اللّهُ مخْلِصـينَ لَـهُ الدِّينَ وَلَوْ كَـرِهَ الكـافِرون». (رواه مسلم). وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلََّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْر»“(رواه مسلم).
وقد كان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من صلاة الفجر أنه يجلس في مصلاه ومن ثم يذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس (وهي أذكار الصباح)، فمن هدي الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول فيها: “«أصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هذَا اليَوْم، وَخَيْرَ مَا بَعْدَهُ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شرِّ هذَا اليَوْمِ، وَشرِّ مَا بَعْدَهُ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَسُوءِ الْكِبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّار»” (رواه مسلم).
وورد عن الرسول الكريم محمد أيضا قول: “«أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَدِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين»”(رواه أحمد).
قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “«سَبَقَ المُفَرِّدُونَ. قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ الله! قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ»”. (رواه مسلم).
وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إذا جاء الصباح أو المساء ذكر الله عز وجل فقال: “«اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا وَنَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ»” (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه).
وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يدعو حين يُصبح ويدعو حينَ يُمْسِي بهذِهِ الدعَواتِ: “«اللَّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ العَافِيَةَ في الدُّنْيَا والآخِرَة، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِية في دِينِي وَدُنْيَاىَ وَأهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفظْنِي مِنْ بَيْن يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يميني وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي»” (رواه الحاكم).
وكان ذلك نذرًا يسيرًا من ذِكْرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحياة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كلها كانت ذكرًا لله سبحانه وتعالى، فقد ورد عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن قلبه صلى الله عليه وسلم كان مشغولًا بالله حال نومه، قال صلى الله عليه وسلم: “«تَنَامُ عَيْنِي وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»” (رواه البخاري).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “«إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً فضلًا يَتَّبِعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعَدُوا إِلَى السَّمَاءِ -قَالَ- فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ جل جلاله -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ-: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ في الْأَرْض يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ. قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا يَسْأَلُونَك جَنَّتَكَ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا لَا أَيْ رَبِّ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ. قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنَي؟ قَالُوا مِنْ نَارِك يَا رَبِّ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا لَا. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ -قَالَ- فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا -قَالَ- فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ، هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ»”.


شارك المقالة: