بعد أن قرر النبي تغيير الطريق الرئيسي الذي يتجه نحو مكة واتخاذ طريق جديد حتى يتجنبوا القتال مع جيش خالد بن الوليد، عندها نزل النبي بالحديبية.
رسل قريش
بعثت قريش رسولاً اسمه بديل بن ورقاء الخزاعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستفسر عن سبب قدوم النبي إلى مكة، فأخبره النبي أنَّه جاء حتى يؤدِّي مناسك العمرة ولم يأتوا للقتال، وعاد البديل إلى قريش يبلغهم ما قال له النبي، ولكنَّ قريشاً عادت وأرسلت مكرز بن حفص ليستفسر من النبي عن سبب قدومه، فكان نفس الرد الذي رده لبديل، ورجع مكرز إلى قريش وأخبرهم نفس الشئ.
وتكلم رجل اسمه الحُليس بن علقمة من كنانة وقال لقريش دعوني أذهب إلى محمد، فوافقت قريش وذهب الحليس إلى النبي، ولكنَّه عندما شاهد من المسلمين ما شاهد من استقبال وهم يلبون، قال: هلكت قريش ورب الكعبة، ما ينبغى لهؤلاء أن يصدوا عن البيت الحرام، فرجع إلى قريش وأخبرهم أنَّ محمداً ومن معه لم يأتوا للحرب أنَّما جاؤوا للعمرة.
وجاء أيضاً عروة بن مسعود الثقفي إلى النبي بعد أن طلب من قريش أن يذهب للنبي ويتكلم معه حول قدومه للبيت الحرام، ولكنَّ عروة رأى الشئ العظيم من محبة أصحاب النبي للنبي، فعندما عاد إلى مكة خاطب قريش قال لهم: يا قوم أنِّي والله قد جئت ملوك كسرى وقيصر والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمدٍ محمداً، حتى أنَّ أصحابه كادوا يتقاتلون على وضوئه، وإذا تكلم النبي خفضوا من أصواتهم عنده، ولا يحدون النظر إلى نبيهم تكريماً وتعظيماً له.
علامات الصلح
رغب زعماء قريش في الصلح مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن كان بعضٌ من رجال قريش الطامحون إلى قيام حرب مع المسلمين قد فكروا بخطة توقف من إتمام الصلحة مع النبي، فقرروا إحداث أعمال تشعل حرباً بينهم، فخرج سبعون رجلاً متسللين ليلاً نحو معسكر المسلمين حتي يحدثوا خراباً فيه، إلَّا أنَّ قائد الحرس الصحابي محمد بن سلمة قام باعتقالهم، ولكنَّ النبي كان يرغب بالصلح فأطلق سراحهم وأمر بالعفو عنهم، وأنزل الله في ذلك وقال: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا).