يلجأ بعض أصحاب الأراضي إلى البحث عمّن يقوم بزراعة أرضهم، أو الاعتناء بما فيها من مزروعات، لحين جني المحاصيل والثمار الناتجة، فيقومون بتأجيرها لضمان إيجاد مَن يعتني بأرضهم، مقابل مردود مالي متّفق عليه بين الطرفين، ففي هذه الحالة، على مَن يجب إخراج الزكاة؟ على صاحب الأرض أم على المستأجر؟ كان في هذه المسألة رأيان مختلفان سنتحدّث عنهما في هذا المقال بإذن الله تعالى.
وجوب الزكاة على المستأجر:
وهذا الرأي الذي تحدّث به جمهور الفقهاء، واستعان أصحاب هذا الرأي بأنّ الزكاة مفروضة على الزرع نفسه، حيث أنّها تختلف باختلاف جنس الصنف المزروع، وتعتمد على كثرة الثمار أو قلتها، فهي واجبة على مَن يملك الزرع وليس الأرض، وبالتالي هي واجبة على المستأجر.
كما قاس أصحاب هذا الرأي معاملة تأجير الأرض الزراعية، بأحكام تأجير المحل التجاري، حيث توجب الأجرة على المستأجر، حيث يدفع أجرة المحل، وزكاة التجارة التي يعمل بها، وإنّ أجرة الأرض التي يستحقها صاحب الأرض، تكون من المال النقدي، وليس ناتج المزروعات التي يزرعها المستأجر، وكان ذلك بهدف عدم تكرار إخراج الزكاة من نفس الثمار.
وجوب الزكاة على المؤجّر:
اقتصر هذا الرأي على بعض الفقهاء الحنفية، وكان قولهم في ذلك أنّ الأرض الزراعية المؤجّرة تعود على صاحبها بالدخل، أي تعتبر مالاً نامياً، والزكاة واجبة في المال النامي، وعليه يترتّب فرض الزكاة على المؤجّر.
واعتبروا أن الزكاة تجب في أصل المال النامي الذي أوجب الزكاة، فالأرض هنا هي أصل وجود الزرع، وهي أصل المال العائد على المؤجّر بالفائدة والدخل (أجرة الأرض)، لذلك يقع إخراج الزكاة على عاتق المؤجر.
إعارة الأرض الزراعية:
ترتبط مسألة إعارة الأرض بمسألة تأجيرها، واتّفق الفقهاء على أنّ المستعير هو المستفيد من الأرض، لذلك توجب الزكاة عليه، كذلك لم يأخذ المعير أي عوض مقابل إعارة أرضه. لكن هناك مَن قال أنّ المعير هو الأصل الذي كلّف المستعير بالقيام مقامه.
وكان من الأقوال التي تعلّقت بمسألة وجوب الزكاة في الأرض الزراعية المستأجرة، أن يشترك كل من الطرفين في إخراج المقدار المحدد للزكاة المفروضة، حيث يُخرج المستأجر زكاة ما أنتجته المزروعات من ثمار، وبالمقابل يقوم المؤجّر بإخراج زكاة ما يعود عليه من مال كأجرة للأرض، بعد أن يؤدي دينه، ويدفع ما على الأرض من ضرائب.