زكاة مال الاستصناع

اقرأ في هذا المقال


اختلف الفقهاء في حكم عقد الاستصناع، وذكروا عدّة تعريفات لإجمال حقيقة الاستصناع، منها أنّ الاستصناع هو عقد يلتزم به البائع في صنع سلعة، وتقديمها بالمواصفات المتّفق عليها في العقد، وفي الوقت المحدد، مع الالتزام بأي شروط ذُكرت في العقد، ما لم تُؤثّر في صحة العقد، وكون الفقهاء اختلفوا في حكم عقد الاستصناع، فهل يُؤثّر هذا الاختلاف في حكم زكاة مال الاستصناع؟

صفة عقد الاستصناع:

بعد أن اختلف الفقهاء في حكم عقد الاستصناع، ثبت علماء الفقه المعاصرون على الرأي الذي يقول بجوازه، وأجمعوا على صحته، فهو عقد بيع، والبيع من العقود المباحة ولا خلاف فيها. ومن صفات عقد الاستصناع عدم وجود المبيع أثناء العقد؛ لأنّ مضمون العقد يتمثّل في طلب المشتري من البائع، أن يقوم بصُنع سلعة معيّنة بمواصفات محددة.

ويجب أن تكون المواصفات محددة في عقد الاستصناع، لعدم وقوع الجهالة، كما يجب تحديد الثمن المطلوب لصُنع السلعة بالقدر والنوع، ويُمكن تعجيل الثمن مع عدم اشتراط ذلك، ويتم صُنع السلعة باستخدام مواد من عند البائع (الصانع) نفسه.

حكم زكاة مال الاستصناع:

للتعرّف على حكم الزكاة في مال الاستصناع، لا بدّ من ذكر الآراء التي وردت في هذه المسألة، حيث ورد فيها ثلاثة آراء، وهي:

الرأي الأول عدم وجوب الزكاة في مال الاستصناع:

وبرّر أصحاب هذا الرأي عدم وجوب الزكاة في مال الاستصناع، بسبب عدم ثبوت الملكية في البدلين، فيخرج الثمن من ملك المستصنع، إن تمّ تعجيله، وإن اتفق الطرفان على تأجيل الثمن فهو دَين في ذمّة المستصنع، وملك الدَّين غير تام.

أمّا الصانع فتخرج مواد السلعة التي سيصنعها من ملكه، وإن بقيت عنده، وذلك لعدم جمع الملكية للبدلين؛ لأنّ هذا ليس من مضمون العقد.

الرأي الثاني وجوب الزكاة على المستصنع والصانع:

يقول أصحاب هذا الرأي بأنّ المصنوع لا يثبت في ملك المستصنع، إلّا إذا تمّ قبضه، ويبقى الثمن في ملكه حتى يستلم السلعة المصنوعة، لذلك تجب عليه زكاة الثمن. ويُطبّق نفس الحكم على الصانع؛ لأنّ السلعة تبقى في ملكه حتى وقت تسليمه للمستصنع، فيجب على الصانع إخراج زكاة المصنوع.

الرأي الثالث وجوب الزكاة على الصانع وعدم وجوبها على المستصنع:

أوجب أصحاب هذا الرأي الزكاة على الصانع، لأنّ الصانع يتملّك الثمن، للاستعانة به في تنفيذ صُنع السلعة، كأجرة للعمّال، وثمناً للمواد المستخدمة، أمّا المستصنع فيُعتبر الثمن دَيناً في ذمّته، ولا زكاة عليه؛ بسبب عدم وجوب الزكاة في الدّين.

ورجّح العلماء الرأي الثاني، وهو وجوب الزكاة على الصانع والمستصنع، لأنّ الثمن يبقى ملكاً للمستصنع حتى يدفعه للصانع، كما تبقى السلعة المصنوعة في ملك الصانع لحين تسليمها للمستصنع. ونستنتج مما سبق أنّ الخلاف بين الفقهاء حول مسألة حكم الزكاة في مال الاستصناع، يدور حول ثبوت ملكية البدلين لكل من طرفي العقد، وذلك اعتماداً على لزوم ثبوت ملكية المال حتى تجب فيه الزكاة.


شارك المقالة: