بعث الله تعالى الأنبياء والرسل بمواصفات بشرية، تجعلهم أكثر رقي ومكانة بين الناس، لتسهيل أمور دعوتهم، وتقبل الناس لها، ومن الصفات التي خصّ بها الله تعالى رسله وأنبيائه ما سيتم الحديث عنه في هذا المقال بإذن الله تعالى.
صفات الأنبياء
البشرية
أرسل الله تعالى الرسل والأنبياء للناس من البشر أنفسهم، فقال الله تعالى: “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ“ سورة الكهف 110، لأنّ الله تعالى خلق الإنسان بقدرات تجعله يتحمل حمل خلافة الأرض وعمارتها، وهي أمانة استثقلتها السماوات والأرض والجبال، لكن الإنسان حملها، بعقله وقلبه وجوهره لا بمظهره وحجمه، وتميّز الإنسان بالروح وأودعه الله تعالى هذه الأمانة.
ولا عجب أن يُرسل الله تعالى واحداً من البشر، يجعله مستعداً ليتلقى الوحي ليُهدي به الناس إلى النور، كلما عمّ الظلام طريقهم، ويعينهم على ما يُسيّر أمورهم وينظم حياتهم، ويُعينهم على قضاء حوائجهم بما هو خير لهم في الدنيا والآخرة.
لا يتصف الرسل بالألوهية والملائكية
لم يكن الرسل عليهم السلام متصفون بمواصفات الألوهية والملائكية، ولم يدّعي أحد منهم صفة من صفات الخالق جلّ وعلا، أو من صفات الملائكة، ودعوا جميعهم للاعتصام بالله تعالى وتوحيده.
كما أنّ الله تعالى أرسل الرسل لتعليم الناس الشرائع والأحكام، التي يجب على الإنسان الالتزام بها في الدنيا، وأمرهم بتطبيق ذلك بأنفسهم أمام الناس؛ لإثبات قدرة البشر على الالتزام بالطاعات والعبادات، وعدم الاحتجاج بأن أحكام الله تعلى في الدنيا، هي أفعال ليست من طاقات البشر.
الكمال البشري
خلق الله تعالى البشر متفاوتين في صورهم وأخلاقهم، فمنهم الحسن ومنهم السيء، في الخَلق والخُلق، إلّا أنّه سبحانه وتعالى جعل الأنبياء من أكبر الأمثلة على الكمال البشري والإنساني، ومنحهم الكمال في الصورة والمظهر، ومَن يعيب نبياً أو رسولاً في مظهره وجسده فقد أذاه، وهذا قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا” سورة الأحزاب 69.
وقد اختار الله تعالى الرسل من أطيب البشر قلوباً وأطهرها، وكان الرسل عليهم السلام بإذن الله تعالى، مثالاً للكمال في الأخلاق، ممّا كان لذلك أثراً واضحاً لقدرتهم على التأثير في الناس، وهدايتهم وتربيتهم على شرائع الله، وكان الكمال الخُلقي للأنبياء سبباً في طاعة الناس لهم، وانقيادهم لدعواتهم برضا وطواعية.
خيرة النسب
اختار الله تعالى أنبيائه من خيرة الناس في النسب، فقد كان أغلبهم من نسل بعضهم، وجعل الله تعالى الأنبياء الذين بُعثوا بعد نبيه نوح _عليه السلام_ من ذريته، ثمّ اختار الأنبياء من بعد إبراهيم _عليه السلام_ من ذريته، فقال سبحانه وتعالى: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ“ سورة الحديد 26.
الحرية بعيدا عن العبودية
ولم يجعل الله تعالى الأنبياء من الرق المستعبدين، وهذا من صفات الكمال البشري التي منحها الله تعالى لأنبيائه؛ لأنّ الرق والعبودية صفات نقص، لا تتوافق مع الكمال الإنساني، ولا تتوافق مع مكانة النبوة ومقامها، فالنبي يدعو قومه في كل وقت، أمّا الرقيق فلا يمكن لهم التصرف بأمور حياتهم ليقوموا بذلك.
والرقيق بشر مستعبدون يرفض الناس اتباعهم، أو العمل بما يدعونهم إليه، ويجب أن يكون النبي ذا نسب ومكانة بالنسبة لمن يدعوهم؛ ليكون ذلك سبباً في تقبّلهم لاتباعه، وطاعته، واقتدائهم به.
الكمال بتحقيق العبودية
وفّق الله تعالى أنبيائه ورسله لتحصيل العبودية وتحقيقها أكثر من غيرهم، وجعل ذلك من علامات الرقي في الكمال البشري، فبالبعد عن تحقيق العبودية للخالق جلّ وعلا، ينحدر الانسان عن ذلك الرقي الذي يؤدي لكمال إنسانية المرء.