لقد ضبط حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ضبطاً دقيقاً في كل طبقاته، وكان اهتمام العلماء للحديث اهتماماً كبيراً بوصف الحديث النّبويّ الشريف المصدر الثاني في التشريع الإسلاميّ، ولأنّ العلماء يعلمون كل العلم بمخاطر الكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلم يتهاونوا في قبولة واشترطوا شروطاً في الرواة وفي المتون، وهذه الشروط من شأنها المحافظة على الحديث النّبويّ الشريف من الخطأ والكذب، ومن الصفات الّتي اشترطها العلماء لقبول الحديث الضّبط، فما هو شرط الضبط؟ وماذا يخل به؟ وهل تكفي صفة الضّبط لقبول الحديث؟.
مفهوم الضبط
إنّ مفهوم الضّبط عن المحدّثين يطلق على صفات في المحدّث يجب أن تتوافر فيه، حتى يقبل حديثه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتتمثل في إدراكة الموزون وتيقظه وعدم غفلته في رواية ما يسمع وأن يكون مدركاً ضابطاً لما يروي من كتابه أو من من حفظه، وأن لا يكون دائم المخالفة لرواية الموثوقين.
ما يخل بضبط الراوي
من خلال ما ذكرنا من ما يتمثل بصفة الضّبط، فإنّ هنالك ما يخل بها عند المحدثين، أو أنّ هنالك ما يجعل الناقل للحديث يستدل بها على عدم قبول رواية من افتقدوا لهذا الشرط وهي:
1ـ فقد اليقظة في عدم التيقن من أنّ الحديث ليس من ما يروي، فقد يروى له حديث من أحد تلاميذه ومستمعيه، فيخبره بأنّه منه فيقرّه.
2ـ كثرة رواية الشاذ للحديث بأن يروي ما كان شاذاً عن قواعد القبول.
3ـ الخطأ في الرواية والإصرار على الخطأ، كأن يروي الراوي حديثاً ويخطأ به، ويأتي من هو أوثق منه فيبين له الخطأ، فلا يعدّله ويبقى على خطأه.
4ـ السهو في أثناء التلقّي والرواية، فلا تؤخذ برواية من يسهو في تلقّيه الحديث عن شيخه مثلاً، ولا أثناء رواية لما يسمع ويروي.
5ـ المتساهل في الرواية فلا يقبل حديث من تساهل في نقل رواية الحديث عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم،غير المتأكد من سماعها، فيقبل من أيِّ مصدر ويروي عنه.
هل تكفي صفة الضبط لقبول الرواية
لا تكفي صفة الضبط في الراوي لتقبل روايته، ويجب أن يتحلَّى بصفة العدالة في الإسلام والعقل والبعد عن المعاصي والبدع وغيرها من صفات العدالة، فإذا أُتُّصِف بالعدالة والضّبط كان ثقة، واثقة من توافرت فيه صفات الضبط مع صفات العدالة ، وقد اختار أصحاب الصِّحاح ممَّن اتصفوا بصفة العدالة والضّبط في جوامعهم كالبخاريّ ومسلم، بل إنّ من اتصفوا بصفات العدالة والضّبط كانوا على مستويات، يميّزها أهل الحديث وعلماء الجرح والتعديل.