تعطينا الآيات القرآنية، والسيرة النبوية المشرقة، والأحاديث والأخبار الصحيحة صورة دقيقة وكاملة عن الحالة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم والأحوال التي كانت تشاهد من حوله حال نزول الوحي وتلقي القرآن وعقب انصراف الوحي عنه صلى الله عليه وسلم، ولا بد من التنبيه إلى موضوع مهم وهو أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى النصوص الصريحة الصحيحة، ولا مجال فيها للرأي.
الصورة من آيات القرآن الكريم:
قوله تعالى : ﴿لَا تُحَرِّكۡ بِهِۦ لِسَانَكَ لِتَعۡجَلَ بِهِۦۤ (١٦) إِنَّ عَلَیۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ (١٧) فَإِذَا قَرَأۡنَـٰهُ فَٱتَّبِعۡ قُرۡءَانَهُۥ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَیۡنَا بَیَانَهُۥ (١٩)﴾ صدق الله العظيم[القيامة ١٦-١٩]. قوله تعالى: ﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به﴾ ﴿إن علينا جمعه وقرآنه﴾.
قال محمد الأمين الشنقيطي: فيه النهي عن تحريك لسانه صلى الله عليه وسلم، وبيان أن الله تعالى عليه جمعه وقرآنه، وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان لشدة حرصه على استيعاب ما يوحى إليه، يحرك لسانه عند الوحي فنهي عن ذلك.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا سَنُلۡقِی عَلَیۡكَ قَوۡلࣰا ثَقِیلًا (٥) إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّیۡلِ هِیَ أَشَدُّ وَطۡـࣰٔا وَأَقۡوَمُ قِیلًا (٦) إِنَّ لَكَ فِی ٱلنَّهَارِ سَبۡحࣰا طَوِیلࣰا (٧)﴾ صدق الله العظيم [المزمل ٥-٧]. أي: القرآن الكريم وهو ثقيل بجلاله وعظمته وثقيل بما فيه من التكاليف، وهو ثقيل في تنزله على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى: ﴿فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن یُقۡضَىٰۤ إِلَیۡكَ وَحۡیُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِی عِلۡمࣰا﴾ صدق الله العظيم[طه ١١٤]، وكذلك قوله تعالى ﴿وَإِنَّهُۥ لَتَنزِیلُ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِینُ (١٩٣) عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِیࣲّ مُّبِینࣲ (١٩٥)﴾ صدق الله العظيم [الشعراء ١٩٢-١٩٥].
الصورة من الأحاديث الصحيحة مرفوعة :
- ما جاء عن السيدة عائشة أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم – : كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم – : أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس ، وهو أشده علي فُيفصم عني وقد وعيت ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول ، قالت عائشة : ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه ، وإن جبينه ليتفصد عرقا .
- قال جابر أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا ثم نوديت فنظرت فلم أر أحدا ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء يعني جبريل عليه السلام .