بعد العديد من السرايا والغزوات التي جرت في السنة الأولى للهجرة والسنة الثانية للهجرة، وبعد أن فُرِضَ القتالُ على المسلمين من خلال الآيات الكريمة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم حيث قال : ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ** وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ** فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ** وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ )… سورة البقرة. في تلك الأحداث من السرايا والغزوات حدثت أهم الغزوات في بداية تكوين الدولة الإسلامية، وهي غزوة بدر الكبرى .
غزوة بدر
كانت هناك تحديات كثيرة قد واجهت النبي وأصحابه في بداية بناء الدولة الإسلامية، وما كان من النبي ومن معه من المهاجرين والأنصار إلّا أن واجهوا تلك المصاعب، فكان لا بدّ من تضحيات مالية وبشرية من أجل الوصول إلى المراد، وغزوة بدر خير شاهد على التضحيات الكبيرة في سبيل نشر الدعوة الإسلامية وبنائها .
سبب غزوة بدر الكبرى
بعد أن أفلتت عير قريش من المسلمين أثناء ذهابها من مكة المكرمة إلى الشام، كان النبي يعلم بموعد رجوعها، فعندما اقترب هذا الموعد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي طلحة بن عبيد الله ومعه الصحابي سعيد بن زيد رضي الله عنهما حتى يأتوا بخبرها، فعلموا بمكان بعير أبي سفيان المملوكة لقريش، فأسرعوا بالعودة إلى المدينة لإيصال الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فكانت عير قريش تحمل الكثير من الثروات الطائلة لرؤوس كبار القوم، فكانت ألف بعير تحمل من الأموال التي قدّرت بخمسين ألف ديناراً ذهبياً مع قلّة حرس تلك العير التي كان يبلغ عدد حرَّاسها نحو أربعين رجلاً فقط.
ومع استعداد المسلمين للسيطرة على تلك العير، كانت فرصة كبيرة حتى يضربوا أهل مكة ضربة اقتصادية موجعة لم تشهد لهم من فترة طويلة أو حتى من عصور .
ولم يجبر النبي أحداً للخروج معه وكان الأمر في غاية الرّغبة المطلقة والحرية للخروج من عدمه، فقد تخلّف الكثير من الصّحابة عن الخروج مع النبي لعدم علم المسلمين أنّهم سيصطدمون بجيش كبير قادم من مكة، فكان خروج المسلمين للتعرُّض لقافلة أبي سفيان المملوكة لقريش من أهمِّ أسباب قيام غزوة بدر الكبرى.