فك حصار الجيش النبوي عن مدينة الطائف

اقرأ في هذا المقال


فك حصار الجيش النبوي عن مدينة الطائف:

لقد بذل الجيش النبوي مجهودات عظيمة لاقتحام قلاع وحصن مدينة الطائف وفتحها، ولكنّ الحصون كانت منيعة وقوية، وكان الثقفيون مصممين وثابتين على الصمود وكانوا يدافعون عنها بعناد وقوة، وكانوا قد استعدوا لطول الحصار بما خزنوا من مواد غذائية تكفيهم لعدّة سنوات، كما أنّ الماء من العيون والآبار متوفراً لديهم بكثرة حين الحصار، وكان المسلمون وجيشهم في العراء مكشوفين ومعرضين لسهام ونبال الثقفيين.

الأمر الذي يجعل جيش الإسلام و المسلمين أكثر تعرضاً للخطر بينما الثقفيون في بلادهم بسلام ومحتمين بحصونهم عندهم أهلهم وأبناءهم.

ولم تجد تلك المحاولات الجدّيّة والكبيرة التي بذلها جيش الإسلام لاقتحام أسوار مدينة الطائف، حيث كانت قوية وعالية ومنيعة وحصينة، يحميها مقاتلون ورماة ماهرون في القصف بالنبل والسهام، واستخدام الأسلحة من النوع الثقيل من راجمات باللهب وغيرها، استمر المسلمون وجيشهم في محاولاتهم فتح مدينة الطائف خمسة عشر يوماً.

و ذكر المؤرخون في كتب السير: “إن الحصار استمر أكثر من عشرين يوماً على مدينة الطائف، وقد فقد المسلمون وهم يجاهدون لفتح مدينة الطائف اثني عشر شهيد، مقابل رجلين من مشرکي قبيلة ثقيف قتلهما جيش المسلمين أثناء حصار  المدينة، وجميع الشهداء من جيش المسلمين قتلوا رمياً بسهام ونبال ثقيف التي كانوا يقصفون بها جيش المسلمين من أعلى الأبراج”.

النبي محمد صلى الله عليه وسلم يستشير الخبراء بشأن استمرار الحصار أو فکّه:

وبعد مضي مدّة خمس عشرة ليلة أو عشرين ليلة على محاصرة مدينة الطائف دون الحصول على أيّة نتيجة إيجابية لصالح جيش المسلمين والإسلام، حينها تدارس النبي محمد صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف الموقف مع بعض كبار مستشاريه والخبراء في الجيش حول ما إذ كان من المفيد استمرار الحصار أم فكه عن الطائف.

وقد انتهت مشاورات الخبراء مع نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم إلى اقتناع النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بأنّه ليس من مصلحة جيش المسلمين  الاستمرار في الحصار.

ولذلك قرّر أن يفك الحصار عن مدينة الطائف ويعود إلى مكة تاركاً قبيلة ثقيف وشأنها حتى يأتي الله بها فتدخل في الإسلام طائعة بعد أن تجد نفسها معزولة ومحاطة بعناصر عربية كلها دخلت في دين الإسلام.

كما جاء وذكر في بعض الآثار عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف أنّه لم يأذن الله  له باقتحام ثقيف بقوة السلاح.

فقد جاء في الأثر: “أنّ الصحابية الجليلة خولة بنت حكيم بن أمية السلمية ( وهي زوجة الصحابي عثمان بن مظعون ) من الصحابيات الجليلات قالت: “يا نبي الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف أعطني إنْ فتح الله سبحانه وتعالى عليك مدينة الطائف، حلي بادية بنت غيلان بن مظعون بن سلمة ، أو حلي القارعة بنت عقيل، وكانتا من أحلى نساء قبيلة ثقيف”.

وقد جاء في الأثر: “أنّ نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف قال لخولة: وإن كان لم يؤذن لي في ثقیف یا خويلة ؟ فذكرت خويلة ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فدخل على نبي الله  صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله ، ما حديث حدثتنيه خويلة، زعمت أنّك قلته؟ قال: قد قلته، قال: أو ما أذن لك فيهم يا نبي الله ؟ قال: ( لا ) قال عمر رضي الله عنه: أفلا أؤذن بالرحيل؟ قال بلى فأذن عمر بالرحيل”.

كذلك ذكر أهل السير والتراجم: “أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا فسرت بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لن ينال من قبيلة ثقيف في حصاره لهم ما يريد، وخلاصة هذه الرؤيا أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: إنّي رأيت أنّي أهديت إلي قعبة مملؤة زبداً، فنقرها ديك فأهرق ما فيها، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ما أظنّ أن تدرك منهم يا نبي  الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف يومك هذا ما تريد، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف: وأنا لا أرى ذلك” .

وذكر أصحاب المغازي: ” أنّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم استشار الخبير المجرب نوفل بن معاوية الديلي بشأن حصار مدينة الطائف بعد أن استعصى على جيش الإسلام والمسلمين فتح المدينة، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم الكريم الشريف لنوفل بن معاوية رضي الله عنه: ما تقول أو ما ترى في المقام عليهم؟ فقال نوفل رضي الله عنه: يا نبي  الله العظيم ، ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك شيئاً”.


شارك المقالة: