إنّ الصّلاة تربِّي النَّفس وتهذِّب الروح، وتنير القلب بما تغرس فيه من جلال الله وعظمته،
وتسعدُ المرء وتجمِّله بمكارم الأخلاق، ولقد كانت سُنَّة مطَّردة على تعاقب الرُّسل بعد التوحيد،
فقال الله تعالى عن عيسى عليه السلام:(( وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) )) “مريم”.
وعبر الصّلاة يتمُّ الاتصال بالله تعالى بشكل يومي فيتزوَّد العبد من خلالها بطاقة روحيَّة تعينه
على مشقَّة التكليف.
أيضاً في الصّلاة كنوز عظيمة قد تخفى على الكثير من النَّاس، فهي مليئة بالأجور والثَّواب
والحسنات والدَّرجات، ولكن أبى الشَّيطان إلا أن يصرفنا عنها ويبعدنا عن رؤيتها.
وإذا صحونا من سُباتنا العميق أقنعنا ذلك الشَّيطان بالقليل ليحرمنا الكثير من تلك،
الأجور والحسنات.
والآن نريد أن نبدأ رحلة البحث عن الكنوز الموجودة في الصّلاة قولاً وعملاً.
الإستعداد للصلاة
يمكننا أن نحصل على هذا الكنز السَّمين قبل أن ندخل إلى الصَّلاة، فمن خلال الاستعدادات
الأوليَّة والتهيئة النفسيَّة والمعنويَّة للصَّلاة وأهم خطوات امتلاك هذا الكنز:
- الوضوء: للوضوء فضلٌ كبير وهو أول خطوات كسب الحسنات ومضاعفة الأجور، فمن خلال
الوضوء نستطيع أن نكسب الأجور التالية:
_محبَّة الله : فقال الله تعالى:(( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222).
_ خروج الخطايا مع ماء الوضوء: عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه-قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من
جسده حتى تخرج من تحت أظافره”.
_النُّور في أعضاء الوضوء يوم القيامة:
عن ابي هريرة رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:” إن أمَّتي يدعون يوم القيامة غرَّاً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع
منكم أن يطيل غرَّتهُ فليفعل”.
_ محو الخطايا ورفع الدرجات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( ألا أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدَّرجات، قالوا: بلى يا رسول الله،
قال: إسباغُ الوضوء على المكاره، وكثار الخطى إلى المساجد، وانتظار الصَّلاة بعد الصَّلاة،
فذالكم الرِّباط فلذالكم الرِّباط)) “رواه مسلم”.
كلمة المكاره في الحديث تعني: البرد الشديد أو المرض الذي يُكسل صاحبهُ عن الحركة
ونحو ذلك من الحالات التي يشقّ على الإنسان الوضوء فيها..
وقال بعضهم: إنَّما سميت هذه الأفعال رباطاً، لأنَّها تربط صاحبها، أي تكفُّه عن المعاصي والمآثم والله أعلم.
_مغفرة الذنوب ودخول الجنَّة:
عن عثمان رضي الله عنه، أنَّه توضَّأ، ثمَّ قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ
نحو وضوئي هذا، ثمَّ قال:(( من توضأ وضوئي ثمَّ صلَّى ركعتين لا يُحدّث فيهما نفسه غفر له ماتقدَّم من ذنبه)) ” رواه مسلم”. - الذكر بعد الوضوء: فما زلنا نبحث عن مزيد من الأجور والحسنات في خزانة الكنز الأول،
فمن خلال أذكار معيَّنة بعد الوضوء نستطيع أن نربح الثواب التالي:
_ الحريَّة في الدُّخول من أيِّ أبواب الجنَّة الثمانية:
عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:
(( ما من منكم من أحدٍ يتوضأ فيسبغُ الوضوء ثمَّ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ
لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتِّحت له أبواب الجنة الثَّمانية يدخل من أيها شاء)).
” رواه مسلم”.
_تُكتب في رقٍ ثمَّ تجعل في طابع لا يُكسر إلى يوم القيامة:
عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( من توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رق
ثمَّ جعل في طابع فلم يُكسر إلى يوم القيامة)) ” رواه الطبراني في الأوسط”. - السّواك: وما زلنا مواصلين في اكتساب الحسنات تلو الحسنات، وفي محطَّة السّواك
نتعرف على ثوابه العظيم.
فالسّواك مَطهرةٌ للفم ومرضاة للرَّب، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال:(( السّواكُ مَطهرةٌ للفم مرضاة للرب)) ” رواه االبخاري والنسائي وابن ماجه”. - التبكير في الصلوات:
والتبكير إلى الصَّلوات فضلٌ كبير، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(( لو يعلم النَّاس مافي النداء والصَّف الأول ثمَّ لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا،
ولو يعلموا مافي التهجير- أي التبكير- لاستبقوا إليه)) “متفق عليه”.
كما أنَّ الحفاظ على التبكير بالصّلوات دليل على تعلُّق القلب بالمسجد،
ولقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(( سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه،
وذكر منهم: ورجلٌ تعلَّق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه)) ” متفق عليه”. - ترديد الآذان:
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بلال ينادي،
فلمّا سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( من قال مثل هذا يقيناً دخل الجنَّة)) “رواه أحمد، والنسائي”. - الذكر بعد الآذان:
للذكر بعد الآذان آثار عظيمة وثواب عظيم يغفل عنها بعض النّاس وأهمها:
_ مغفرت الذُّنوب.
_ حُلّت له شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. - المشي إلى الصلاة: إن المشي إلى الصلاة ملئ بالأجور ورفع رصيد المسلم من الحسنات وأهمها:
- النُزل ( الضيافة) في الجنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( من غدا إلى المسجد أو راح أعدّ الله له في الجنَّة نُزُلاً كلَّما غدا أو راح)) ” متفق عليه”. - حطُّ الخطايا ورفع الدَّرجات:
- عِظم الأجر.
- النور التام يوم القيامة: عن بريدة- رضي الله عنه- عن النَّبي صلى الله عليه وسلم،
قال:(( بشِّر المشَّائين في الظُّلم إلى المساجد بالنور التَّام يوم القيامة )) “رواه الترمذي”. - محو الخطايا ومغفرة الذُّنوب.
- صدقة: عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( والكلمة الطيِّبة صدقة وبكل خطوة يمشيها إلى الصَّلاة صدقة )) “متفق عليه”. - التقدُّم إلى الصفِّ الأول- ميامن الصُّفوف:
- يعني أن نحرص على الصَّلاة في الصَّف الأول، لأنَّه لها فضل كبير.
- أيضاً مشابهة الملائكة.
- الخيريَّة للرجال.
- البعد عن وعيد النَّبي صلى الله عليه وسلم بتأخير المسلمين للمتأخرين.
- صلاة الله وملائكته على الصُّفوف الأولى.
- أداء السُّنة الرَّاتبة: يعني أنَّ الحفاظ على سنن الرَّواتب يؤدِّي إلى امتلاك بيت بالجنَّة.
- الدعاء بين الآذان والإقامة.
- انتظار الصَّلاة.
- الاشتغال بالذِّكر وقراءة القرآن.
- ترديد الإقامة والدُّعاء بعدها.
- تسوية الصُّفوف.