بعد أن عاد النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية في السنة السادسة للهجرة النبوية الشريفة قام النبي بإرسال كتب إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الدخول في دين الإسلام.
وكان الملوك لا يقرأون أي كتاب إلّا وعليه خاتم، فاتخذ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتماً منقوشاً عليه باسمه ( محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وكان ذلك الخاتم من الفضة.
وقام النبي باختيار رسول من أصحابه يتمتع بالخبرة والمعرفة الكبيرة بهذه الأمور، حتى يقوم بإرسال الكتب إلى الملوك.
كتاب النجاشي
وكان اسم ملك الحبشة النجاشي ( أصحمة بن الأبجر)، وقام النبي بإرسال كتاب إليه مع الصحابي عمرو بن أمية في السنة السادسة للهجرة النبوية الشريفة، وكان هذا كتاب النبي إلى النجاشي ملك الحبشة، ويقول النبي فيه: (( بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله إلى النجاشي، الأصحم عظيم الحبشة، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبه ولا ولداً، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الإسلام، فإني أنا رسوله فأسلم تسلم، ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ )…سورة آل عمران، فإنْ أبيت فعليك إثم النصارى من قومك)).
ولمّا أوصل الصحابي عمرو بن أمية الضمري كتاب رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة أخذه الملك النجاشي ووضع الكتاب على عينه، ثمّ نزل عن سريره على الأرض، وأسلم النجاشي على يد الصحابي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وكتب ملك الحبشة كتاباً إلى سيدنا محمد، وقال النجاشي ملك الحبشة فيه: ( بسم الله الرحمن الرحيم . إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة، سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته، الله الذي لا إله إلّا هو، أمّا بعد: فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إنّ عيسي لا يزيد على ما ذكرت تفروقاً، إنه كما قلت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابك ، فأشهد أنّك رسول الله صادقاً مصدقاً، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين ).
وقد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد طلب من الملك النجاشي أن يقوم بإرسال الصحابي جعفر بن أبي طالب ومن معه من مهاجري الحبشة، فأرسلهم ملك الحبشة في سفينتين ومعهم المرسال الصحابي عمرو بن أمية، فقدم بهم إلى رسول الله حينما كان النبي بخيبر.
توفي النجاشي ملك الحبشة في شهر رجب من السنة التاسعة من الهجرة النبوية، حيث نعاه النبي في يوم وفاته، وصلى سيدنا محمد صلاة الغائب على النجاشي، ولكن عندما توفي النجاشي تخلف على عرشه وملكه حاكم آخر، حيث كتب سيدنا محمد إليه كتاباً آخر، ولا يدري هل أنّ الحاكم الجديد أسلم أم لم يسلم؟