لقد تمثل خلق الرضا في رسول الله صلى الله عليه وسلم في العديد والكثير من الأمور، ومن الأمثلة على ذلك:
أقوال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الرضا:
أقوال النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم في الرضا عن الله سبحانه تعالى قي أثناء دعوته إلى الله مع ما كان يواجهه به الكفار والمشركين والمنافقين من الأذى ومن الصد والإعراض وشدة التعذيب، ومن الأمثلة على ذلك عندما أوذي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلمم في الطائف من أهلها وما قاموا به، حيث أغروا به سفهاءهم وصبيانهم فقاموا برميه حتى سال الدم من عقبه الشريف فلم يزد صلى الله عليه وسلم على أن قال:“اللهم إليك أشكو ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على الناس أنت ارحم الراحمين و رب المستضعفين و أنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك” (أخرجه ابن إسحاق).
و عند ذلك أرسل الله سبحانه وتعالى ملك الجبال وقال للنبي: “قد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت ؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين (هما جبلا مكة المعروفان بأبي قبيس و فعيقعان المعروف الآن بجبل هندي وهما يكتنفان أصل مكة من الجنوب و الشمال) فقال له النبي الكريم صلى الله عليه و سلم : “بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً”.
وعندمت أصبح الإيذاء على الصحابة الكرام شديداً من كفار ومشركي قريش حتى يفتنوهم ويبعدوهم عن دينهم جاء إلى النبي الصحابي الجليل خباب بن الأرت رضي الله عنه فقال له : “يا رسول الله، ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون”.(أخرجه البخاري)
هكذا كان سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم راضياً عن الله تعالى على الرغم من ما كان يعانيه النبي محمد إيذاء ومن شدائد ومصاعب في الدعوة إلى الإسلام والدعوة إلى سبيله وذلك إجلالاً وتعظيماً لله سبحانه وتعالى وتوقيراً له؛ لأن النبي الكريم محمد يعلم أن هذه هي سنة الله سبحانه وتعالى في الداعين إليه حتى يمحصهم وحتى يرفع درجاتهم، حيث قد أنزل الله سبحانه وتعالى عليه قوله جل شأنه : “أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ” – سورة البقرة آية 214.
وكان رضاه صلى الله عليه وسلم فيما كان مبتلى به عليه الصلاة والسلام في الحياة من مصاعب ومن متاعب في النفس أو في المال أو في البنين أو حتى في الأقارب، فكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم راضياً رضاء تاماً وكاملاً برغم ما أصابه وناله من إيذاء شديد، حتى أن بلغ ذلك إلى أن حاولوا قتله.
وكان رضى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بما كان عليه النبي من قلة المال، حيث قد بلغ رضاه عليه الصلاة والسلام إلى مرحلة جعلته يدعو الله سبحانه وتعالى و يقول: “اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً” (أخرجه البخاري).
وقد تحمل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وفاة أعز أهله عليه وهم زوجته أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها ومن ثم عمه أبو طالب ومن ثم ابنتيه رقيه وأم كلثوم رضي الله عنها، وتحمل أيضاً وفاة أولاده من الذكور وهو ابنه إبراهيم وهو الولد الذي رزق به النبي محمد على كبر، ومع ذلك كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم راضياً بقضاء الله وقدره، فيقول فيما رواه عنه أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: “إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” (أخرجه البخاري).