كيف كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن لكل شخص منّا قدوة في حياته، ونحن كمسلمين قدوتنا في حياتنا هو الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، لأنّ الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اتصف بكل الصفات الصحيحة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فالرسول محمد هو المنهج الصحيح في كل شئ، وأنّ كل ما كان يقوم به النبي هو صحيح لا محاله، فيجب علينا أن نقتدي بكل ما كان يقوم به الرسول محمد، ومن الأعمال التي يجب علينا أن نتعلمها منه هو طريقة كلام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
كان كلام الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم يختلف عن البشر بكل شئ، فكلام الرسول هو ليس من نفسه وهواه بل هو من عند الله سبحانه وتعالى ، حيث قال الله سبحانه وتعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ﴿1﴾ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴿2﴾ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿3﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴿4﴾ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ )….. سورة النجم، وقد أكد الرسول بنفسه أن الكلام الذي يخرج منه هو كلام الحق لأنّه من عند الخالق الواحد الأحد، فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو : ” اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق”، حسن رواه أبوداود.
وقد أوتي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نصرت بالرعب ، وأوتيت جوامع الكلم ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وبينما أنا نائم أوتيت بمفاتح الأرض ، فثلت في يدي “ رواه البخاري .
جوامع الكلم : (الكلام القليل ذو المعنى الكثير ).
فثلت في يدي : (أي ألقيت في يدي ) .
وكانت طريقة كلام الرسول محمد في الحديث تختلف عن باقي لبشر في طريقة سرده حتى، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد کسردكم هذا ، ولكنَّه كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه “… (فصل : ظاهر )، وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يحدث حديثاً لو أنَّ عده العاد لأحصاه (لعدّه أو لجمعه) .
وكان الحبيب المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت، وکان عليه الصلاة والسلام يعيد الكلمة ثلاث مرات حتى تعقل عنه، وفي رواية ثانية تقول ( حتى تفهم عنه )، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يحب الجوامع من الدعاء، حيث كان يدع ما بين ذلك.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب أصبحت عيناه حمراء، وعلا صوته ، وكان يشتد غضبه ، حتى كأنَّه منذر جيش يقول صبحكم ومشاكم.
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يعيد الكلام أكثر من مرة وذلك حتى يفهم الصعب من كلامه ، فقد “حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يُعِيدُ الْكَلِمَةَ ثَلاثًا لِتُعْقَلَ عَنْهُ”.
وكان منطق الرسول محمد يختلف عن البشر بشكل كبير، حيث كان دائم الفكر ولا يتكلم إلّا في حاجة، وكان الرسول يبدأ كلامه ويختمه بقول (بسم الله الرحمن الرحيم).
وقد “حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حدَّثنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ زَوْجِ خَدِيجَةَ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنٍ لأَبِي هَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدُ بْنُ أَبِي هَالَةَ، وَكَانَ وَصَّافًا، فَقُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَاصِلَ الأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ، طَوِيلُ السَّكْتِ، لا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، يَفْتَتِحُ الْكَلامَ، وَيَخْتِمُهُ بِاسْمِ اللهِ تَعَالَى، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، كَلامُهُ فَصْلٌ، لا فُضُولَ، وَلا تَقْصِيرَ، لَيْسَ بِالْجَافِي، وَلا الْمُهِينِ.
وأكمل قائلاً : يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ لا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَذُمُّ ذَوَّاقًا وَلا يَمْدَحُهُ، وَلا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا، وَلا مَا كَانَ لَهَا، فَإِذَا تُعُدِّيَ الْحَقُّ، لَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ، حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، وَلا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَنْتَصِرُ لَهَا، إِذَا أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا، وَضَرَبَ بِرَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَطْنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ، جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ، يَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ”.