كيف يكون السهو قبل السلام في مواضع وبعد السلام في مواضع؟

اقرأ في هذا المقال


السهو قبل السلام في مواضع وبعد السلام في مواضع:

لقد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام في مواضع، فما سجد فيه النبي عليه الصلاة والسلام قبل السلام أو أمر به، يسجدُ فيه قبله، كسجود السهو لمن ترك التشهد الأول، وسجود السهو لمن شك وبنى على اليقين، وما سجد فيه النبي عليه الصلاة والسلام بعد السلام أو أمر به، يسجد فيه بعده، كسجود السهو لمن سلم قبل تمام الصلاة، أو ذُكّر بالزيادة في صلاته بعد السلام، أو شك وبنى على غالب ظنه، وأن الأمر في ذلك مُوسعٌ، فيجوز السجود قبل السلام وبعده، لكن الأفضل أن يكون السجود قبل السلام إلّا في حالتين وهما:
الحالة الأولى: وهي إذا سلم عن نقصٍ أو ذُكر بالزيادة بعد السلام، اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك حديث أبي هريرة وعمران ابن حصين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
الحالة الثانية: إذا شكّ ولكنه بنى على غالب ظنه؛ وذلك لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، واختار هذا الأمر الإمام باز رحمه الله. وبقيت المسألة خلافيةً عند أهل العلم ولكن هذا هو الأفضل.
الحالة الثالثة: التفصيل في أسباب السجود وأحكامها: لقد ظهر من بعض أحاديث السهو أنّ أسباب السجود ثلاثة وهي: الزيادة والنقص والشك بنوعيهِ، وأحكام هذه الأسباب تكون على النحو التالي:
أولاً: السبب الأول: وهي الزيادة، وتأتي الزيادة تأتي على نوعين وهما الأقوالِ والأفعالِ.
1- زيادة الأفعال: وهي تتكون من ثلاثة أحوال وهي:
– الحالة الأولى: وهي زيادة من جنس الصلاة مثل زيادة قيام أو قعود أو ركوع أو ركعة، فهذه زيادة فعليه إنّ تعمدها المصلي بطلت صلاته، وإن كان سهواً سجد له وصحت صلاته؛ وإن زاد ركعةً سهواً ولم يعلم حتى فرغ منها سجد للسهو، وأما إن علم في أثناء الركعة الزائدة، فإنه يجلس في الحال بغير تكبيرٍ، ثم يتشهد إن لم يكن تشهد ثم يسجد للسهو ويُسلم.
– الحالة الثانية: وهي زيادة من غير جنس الصلاة مثل المشي والحك، والتروّح، والحركة فهذه الحركات لا سجود لها، وهي ثلاثة أقسام: حركة مبطلة للصلاة وهي الأكثرُ عُرفاً والمتواليةُ لغير ضرورةٍ، والثاني هي حركة مكروهةً، وهي اليسيرة لغير حاجة. والثالث: وهي حركةً جائزة، وهي اليسيرةِ لحاجةٍ؛ وذلك لحديث أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام صلّى وهو حامل أمامة بنتُ زينب بنتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأبي العاص “إذا قام حملها، وإذا سجد وضعها” متفق عليه. وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه فتح الباب لعائشة رضي الله عنه وهو في الصلاة. وليس هناك فرق بين العمد والسهو في الحركات؛ لأنها من غيرِ جنس الصلاة، ولا يُشرع لها سجود سهو.
– الحالة الثالثة: وهي الأكلُ والشرب، إن كان عمداً فإنه يُبطل الصلاة، وإن كان سهواً لم يُبطلها؛ وذلك لعموم حديث: “عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيان”.
2- زيادة الأقوال: وهي تأتي على ثلاثِ حالاتٍ وهي كما يلي:

الحالة الأولى:
زيادة من جنس الصلاة، كأن يأتي بقولٍ مشروع في الصلاة في غيرِ محلهِ، مثل القراءة في الركوع والسجود والجلوس، والتشهد في القيام، فإن كان عمداً فهو مكروه ولا يجب السجود له، وإن كان سهواً استحب السجود له، وذلك لعموم حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، يرفعه وفيه: “إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين” رواه مسلم. إلا إذا جاء بها الذكر مكان الذكر الواجب، ولم يقل الواجب: مثل التسبيح في الركوع والسجود، فإنه يجب عليه أن يسجد لتركهِ الواجب إلا إذا جمع بينهما فلا يجب، بل يُستحب لعموم الأجلة.
الحالة الثانية: وهو أن يسلم قبل إتمام الصلاة، فإن كان عمداً بطلت؛ وذلك لأنه تكلم فيها، وإن كان سهواً وطال الفصل أو نقض الوضوء فقد بطات صلاته وعليه إعادتها، أما إن ذكر قبل أن يطول الفصل أتم صلاته ثم سجدَ للسهو؛ وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنها.
الحالة الثالث: وهو يأتي من ناحية الكلام من غير جنس الصلاة، فإن كان عمداً غير جاهل، فقد أبطل الصلاة إجماعاً؛ وذلك لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، وإن كان سهواً أو جهلاً، فالصحيحُ أنهُ لا يُبطلها، ولا سجود عليه؛ لأنه من غير جنس الصلاة.
ثانياً: السبب الثاني: وهو النقص وهو ثلاثة أنواع:
1- النوع الأول: وهو تركنٍ: كركوعٍ أو سجود، فإن كان عمداً بطلت الصلاة، وإن كان سهواً وكان تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته ولا يغني عنه سجود السهو شيئاً، أما إن كان ركناً غير تكبيرة الإحرام فله ثلاثةُ أمورٍ وهي ما يلي:
– الأمر الأول: إن ذكره قبل أن يشرع في قراءة ركعة أخرى وجب عليه أن يرجع فيأتي بالركن الذي تركه وبما بعدهُ. وقيل إنّ ذكرهُ قبل أن يُصلُ إلى محلهِ فقد توجب عليه الرجوع فيأتي بالركن الذي تركهُ وبما بعده.
– الأمر الثانية: إن ذكره بعد شروعه في قراءة ركعةٍ أخرى لفت الركعة التي ترك الركن فيها وقامت الركعة التي تليها مقامها، وقيل: إن ذكره بعد أن وصل إلى محله من الركعة التي تليه فلا يرجع، وتقوم هذه الركعةِ مقام الركعة التي ترك فيها الركن.
– الأمر الثالث: إن ذكره بعد السلام فيتركهُ ركعةً كاملة، فيأتي بركعةٍ، ويسجدُ للسهو إلا أن يكون المتروك تشهداً أخيراً أو جلوساً له أو سلاماً فيأتي به وعليه سجود السهو في هذه الصور كلها، إلا إن طال الفصل أو أحدث فيُعيد الصلاةَ كاملةً.
2- النوع الثاني: إن ترك واجبٍ من واجبات الصلاة، مثل التكبير لغير الإحرام أو تسبيح الركوع والسجود وغير ذلك من الواجبات، فإن كان عمداً بطلت الصلاة، وإن تركه سهواً ففي ذلك أحوال وهي ما يلي:
– الحالة الأولى: إنّ ذكره قبل الوصول إلى الركن الذي يليه، فقد توجب عليه الرجوع ويأتي به.
– الحالة الثاني: إن ذكره بعد أن وصل إلى الركن الذي يليه فلا يرجع وعليه سجود السهو مثل التشهد الأول فإنه إذا تركه لا يخلو من أربعة أمورٍ:
الأمر الأول: أن يذكره قبل أن تفارق فخذاه ساقيه، وبعضهم قال: قبل أن تفارق ركتباه الأرض، والمعنى متقارب، ففي هذه الحال يستقر وليس عليه سجود؛ لأنه لم يزد شيئاً في صلاته.
الأمر الثاني: إذا نهض ولكن في أثناء النهوض ذكر قبل أن يستتم قائماً فإنه يرجع ويأتي بالتشهد وعليه سجود السهو.
الأمر الثالث: إذا نهض واستتم قائماً فقد وصل إلى الركن الذي يليه، فيكره له الرجوع فإن رجع لم تبطل صلاته وعليه سجود السهو.
الأمر الرابع: إذا ذكر بعد الشروع في القراءة فلا يرجع فإن رجع عمداً عالماً حرم عليه ذلك وبطلت صلاته؛ لأنه تعمد المفسد وهو زيادته فعلاً من جنسها.
3- النوع الثالث: ترك مسنون، فإذا ترك مسنوناً لم تبطل الصلاة بتركه عمداً ولا سهواً، ولا سجود عليه.
ويكمن السبب الثالث في الشك فإذا جاء بعد السلام، إلا إذا تيقن النقص أو الزيادة وإذا كان الشك وهماً بحيث طرأ على الذهن ولم يستقر فلا يلتفت إليه، وإذا كثرت الشكوك لا يلتفت إليها، وإن لم يكن الشك كذلك، فالشك إما أن يكون في زيادة ركن أو واجب في غير المحل الذي هو فيه فلا يلتفت له، وأما الشك في نقص الأركان فكتركتها فيأتي بالركن على التفصيل الذي سبق في إكمال الأركان، إلا إذا غلب على ظنه أنه فعله فلا يرجع، ولكن عليه سجود السهو، والشك في ترك الواجب بعد أن فارق محله لا يوجب سجود السهو، وإذا حصل له شك بني على اليقين وهو الأقل، إلا إذا كان عنده غلبة ظن فإنه يتحرى ويبني على غالب ظنه، فيأخذ به.


شارك المقالة: