لماذا اصطفى الله تعالى آل عمران على العالمين؟

اقرأ في هذا المقال


اصطفاء الله تعالى آل عمران على العالمين:

آل عمران: وهي تسمى بعائلةِ الأنبياءِ، وتتكون من عِمران وزوجتهُ، ويُطلق عليها المرأة الصالحة، وهي التي كانت سببُ خير هذه العائلةِ وصلاحها، فقد أخرج الله من ذُريتها ابنتين، فالأولى: تزوجت من زكريا عليه السلام، والثانية والتي وُلدت بعد فترة كبيرة وهي السيدة مريم البتول، وبقي ذكرهم إلى يوم الدين، ولهم سورة بالقرآن سُميت بإسمهم
وقد وردت قصتهم في قول الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ – ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ – إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ – فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ – فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” آل عمران: 33 – 37.

آراء المفسرون عن اصطفاء آل عمران على العالمين:

يقولُ بعض المفسرون: إنّ الله تعالى اصطفى هؤلاءِ الأشخاصِ الأربعة على سائرِ العالمين وهم: آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران، وآل عمران هم عمران بن ماتان أبو مريم، وزوجتهُ حنة وأختها زوجة زكريا، وكذا عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم والسلام أجمعين، وكانوا مضرب مثلٍ في الثبات على أمور الحق.
إنّ زوجة عمران والعائلةَ كانت تعيش عند المسجد الأقصى، والرومان مسيطرون على فلسطين، وكانوا بنو إسرائيل واليهود معرضون عن الله، فيقصُ سبحانه وتعالى قصة “حنة بنت فاقود” زوجة عمران وهي امرأةٌ عجوز لا تلد وكانوا أهل بيت من الله بمكان، وفي ذاتَ يومٍ كانت تحت ظلِ شجرةٍ، وكانت تنظرُ إلى طائراً يطعم فرخه فحنت إلى الولد وتمنته، وقالت: “اللهم إنّ عليّ لك نذراً إن رزقتني ولداً أن أتصدق به على بيت المقدسِ فيكون من سدنته، أن تجعل ولدها محرراً، عتيقاً خالصاً لله تعالى، وقفا للخدمة في بيت المقدس، مفرغا لعبادة الله تعالى”. ثم هلك عمران وهي حامل، وكان الشائع أيامها هذا النوع من النذور فيجعلُ الآباء أبناءهُم لخدمةِ بيت المقدس وعبادة الله، ودَعَت حنّة ربها أن يتقبل منها نِذرها، وظهرت المفاجأة، وهي أنها تحسُ بجنينٍ في أحشائها، قالت: لئن نجاني الله ووضعت ما في بطني ولداً لجعلتهُ محرراً لعبادتك.
لقد شاءت قدرة الله تعالى بأن تضع أنثى، ومن الصعب عليها تنفيذُ نذرها، لأن للأنثى ظرفاً تمنعها من أن توفي هذا النذر الذي يستوجبُ البقاء في بيت المقدس والخدمة الدائمةِ والعبادة المستمرة، وهي لا تُناسب وضعية المرأة، وأن الأنثى لا تصلحُ للخدمة؛ لأنه يصيبها من الحيض والأذى، ولا تصلح لمخالطة الرجال. لقد كان المولود بنتا، بعد كل النوايا والنذور، وبعد انتظارِ عِشرين سنةٍ، وهي تتمنى أن يكون ولداً، بدأت المرأة تشعرُ بشيءٍ من الإحباط، لقد رزقها الله ببنت فتحسرت لذلك لأنها تمنت ذكراً لتفي بنذرها، سمتها مريم، وأعاذتها بالله من شر الشيطان الرجيم، فتقبل الله دعاءها، قال ابن عباس: إنما قالت هذا الأمر؛ لأنه لم يكن يقبل في النذر إلا الذكور، فقبل الله مريم.

ولادة مريم عليها السلام:

لقد نشأت مريم وقوله سبحانه: “وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ” آل عمران: 36. هذا إعلامٌ من الله تعالى لنا على طريق التثبيت، فلما رأتها أنثى فإنها لا تصلح؛ لأنها عورة واعتذرت إلى ربها من وجودها لها على خلاف ما قصدته فيها حينما دعت لربها تقبّل مني أن يكون ولداً، وبالرغم من أن الله رزقها بنتاً فقد تقبّل من زوجة عمران نذرها؛ لأنها مُخلصةً بالدعاءِ ونيتها خالصة لله تعالى، وربتها حتى ترعرعت وبعد ذلك أرسلتها للخدمة في بيت المقدس، تنفيذاً للنذر الذي نذرته على نفسها.
وكان الإمام زكريا عليه السلام وهو زوج ابنتها الكبرى، أي أخت مريم، وبدأ بجمع الأئمة والذين يقيمون على خدمة المسجد من بني إسرائيل، بدأوا يتنازعون، كل واحد منهم يريد أن يكفلها واختصموا، كل واحدٍ يأتي بالقلم الذي يكتب به التوراة ويرميه في الماء، وزكريا معهم، جرت كلها مع الماء وبقي واحد مرفوعاً، يسير عكس التيار، هو قلم زكريا، فكفلها وبدأت مريم تنشأ في رعاية هذا النبي الكريم، الذي اختاره الله لتربيتها وكفالتها، فكانت تعبد الله في محراب المسجد، في غرفة صغيرة في أعلى البيت المقدس، عاشت مريم منقطعة عن العالم، تمضي وقتها في المحراب تصلي وتعبد لله. وحينما يُحضر لها زكريا الطعام يجد عندها رزقاً ومنه فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، وحقق عن الأمر فأجابته بأنه من عند الله الذي يرزق من يشاء بلا جهد ولا تعب.


شارك المقالة: