ماذا يعني أرش الجراحة؟

اقرأ في هذا المقال


أرش الجراحة:

لقد شاع استخدام أرش الجراحة في كتابات الفقهاء وألفاظهم، فذكروا أحكامه ضمن الحديث عن موجب الجناية على ما دون النفس، ومن المعلوم أن الحكم على الشيء فرعاً عن تصوره، فكان لا بد من تصورٍ حقيقةٍ أرشُ الجراحة أولاً لبيان حكم الشرع فيه، بمعرفة معناه لغةً واصطلاحاً ثم التفرقة بينه وبين الألفاظ ذاتُ الصلة، ليتضح المعنى.

تعريف أرش الجراحة في اللغة:

يتكون من كلمتي: كلمة أرش “وكلمة الجراحة” المضافة إليه وهذا يلتزم بيان تعريفاً جزئياً؛ الأرش والجراحة. معنى الأرش: لغةً بوزن العرش: وهي مصدر من الفعل أرش، وقيل إن أصله الهرش من هرش والهمزة عوض عن الهاء، وجمعها أروش مثل فلس وفلوس، وبعد استقراء معاجم اللغة العربية وجدت أنه يدور حول أربعة معانٍ مختلفةٍ في اللفظ ومتقاربة في المعنى، وهذه المعاني هي:
1. دية الجراحة: يقال أرشه أرشاً أي أعطاه أرش الجراحة، وائترش من فلان خُماشتك، أي خذ أرشها بمعنى ديتها، وقال ابن الأعرابي: انتظر حتى تعقل، فليس لك عندنا أرش إلا الأسنة أي لا نقتل إنساناً فنديه أبداً.
2. الخَدش: يُقال أرشتهُ أرشاً أي خدَشتُهُ، وأرش وجهه يأرشهُ أرشاً أي خدشتهُ، والمأرُوش هو المخدوش، ثم قيل لما يؤخذ دية للخدشة: الأرش.
3. الفساد: يُقال أرشتُ بين القوم تأريشاً إذا أفسدت بينهم، وأرشتُ بين الرجلين إذا أغريت أحدهما بالآخر وأوقعتُ بينهما الشر، وأرش بينهم أي حمل بعضهم على بعض، ثم استُعمل في نقصان الأعيان لما في النقص من فساد، فيقال أرش العيب.
وكل هذه المعاني متشابهات ومتقارباتٍ؛ فالأرشُ في الأصل هو دية الجراحات والمعاني الثلاثة الأخيرة هي سبب للأرش فتكون من قبيل إطلاق السبب على المسبب؛ فالخدشُ يؤدي إلى الخصومة والاختلاف والنزاع، وهي فساد، ممّا يتطلب تأدية الدية لإنهاء النزاع والاختلاف ودفع الفساد.

تعريف الأرشُ شرعاً:

لا يخرج استعمال الفقهاء للأرش عن المعنى اللغوي له، فقد تعددت تعريفات الفقهاء للأرش نتيجةً لتعدد المعاني اللغوية.
لقد عرف الحنفية الأرش بأنه: اسم للمال الواجب بالجناية على ما دون النفس.
وعرفهُ المالكية بأنه هو قيمة العيب.
وعرفهُ الشافعية بأنه: الشيء المقدر الذي يحصل به الجبر عن الفائت.
وعرفه الحنابلة بأنه عوض النقص الحاصل بالجناية.
ومن خلال هذه التعاريف السابقة، قد تبين أن الحنفية عرفوا الأرش بحقيقته الجنائية، أما باقي فقهاء المذاهب فاستعمالهُم للأرش استعمال لغوي، إذ فيه تعويض للنقص الحاصل في السلعة أو العين فيدخل في باب المعاملات والجنايات، إلا أنه كثر استعماله عندهم في باب الجنايات للمالِ الواجب بالجناية فيما دون النفس، ويدل على ذلك ذكرهم لهذا اللفظ ضمن أحكام الجناية الواقعة على ما دون النفس، فإذا أطلقوا لفظ الأرش أرادوا به ما هو أقل من الدية، وبالتالي لا يختلف معنى الأرش عند فقهاء المذاهب، فالكل متفق على أن الأرش يجب في الجناية الواقعة على دون النفس.

العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي للأرش:

إن المعنى الاصطلاحي للأرشِ كما عرفه الفقهاء إنما هو مأخوذ من المعنى اللغوي العام له وهو دية الجراحات، فالأرش هو عبارة عن دية مدفوعة للمجني عليه أو وليّه عوضاً عن الجراحة وجبراً لها، إلا أنها في الأرش مخصوصة بالجنايات الواقعة على ما دون النفس.


شارك المقالة: