ماذا يعني قضاء النذر عن الميت؟

اقرأ في هذا المقال


قضاء النذر عن الميت:

يكون على سبيل المثال، بأنهُ لو نذر مسلم أن يصوم أو يتصدق أو يعتمر أو يحجّ تطوعاً أو يُصلي نافلة أو أن يعتكف يوماً، وغير ذلك من الطاعات، فمات هذا الشخص دون أن يتمكن من وفاء نذره، فما حكم هذا النذر، وهل يطلب إلى ورثته من أقاربه أن يقضوا عنه نذره؟ وهل يجوز القضاء في كل الطاعات. والحق أن الفقهاء اختلفوا في هذه المسألة على النحو التالي:
مذهب الإمام أبي حنيفة: فقد ذهب الحنفية إلى أنه لا يصوم الولي ولا يصلي أحد عن أحدٍ في النذر وغيره. وأجَازوا أن يحج الولي والقريبُ الوارث عن قريبه الميت والعاجز، وذلك لحديث الخثعمية حين جاءت النبي عليه الصلاة والسلام فقالت: يا رسول الله أن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة، فيجزي أن أحج عنه؟ فقال رسول الله صلّى عليه وسلم: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أما كان يقبل منك؟ فقالت: نعم، قال فالله أحق أن يقبل.
ولما روى أن رجلاً قال: يا رسول الله أن أمي ماتت ولم تحج أفأحجّ عنها؟ قال: نعم. أما منع صوم الوارث وصلاته عن قريبهُ فاحتَجوا له بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحدٌ عن أحد. وهذا الحديث غريب مرفوعاً، وروي مرقوفاً على ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين.

مذهب الإمام مالك:
ويرى الإمام مالك رحمه الله أنه لا يمشي أحدٍ عن أحد ولا يصوم ولا يصلي ولا سائر الأعمال المنذورة. واحتج بما بلغه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لا يصومن أحد عن أحد ولا يحجنّ أحدٌ عن أحد، ولو كنت أنا لتصدقت وأعتقتُ وأهديت، وقال مالك: ولم أسمع عن إحدٍ من الصحابة ولا من التابعين رضي الله عنهم بالمدينة أن أحداً منهم أمر أحداً أن يصوم عن أحد ولا يصلي عن أحدٍ وإنَّما يفعلهُ كل أحدٍ لنفسه ولا يُعلمهُ أحداً آخر.

مذهب الإمام الشافعي:
يقضي الوارث عن قريبه الحجّ ولا يقضي عنه الصلاة. وفي قضاء الصوم قولان:

– المذهب الجديد:
لا يصوم عنه وليه.
– المذهب القديم: إنَّ للولي أن يصوم عنه وله أن يطعم. وهذا وقد احتج النووي وغيره على جواز صوم الولي عن قريبه الميت بأحاديث الكثيرة التي سَنسوقها عن الاستدلال على مذهب أحمد رحمه الله. تجنّباً للتكرار.
مذهب الحنابلة: ويُستحب للولي أن يقضي عن المتوفى نذر الصوم والحج والصدقة وغيرها من الطاعات. وفي قضاء نذر الصلاة روايتان وهما: أن يقضي الولي عن الناذر، والثانية، أن لا يقضي عن الناذر؛ لأنها لا تدخلها نيابة ولا كفارة، فلم تقض عنه كحالة الحياة. واستدل الحنابلة على ما ذهبوا إليه بما يلي:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى رجلٌ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ أختي نذرت أن تحجّ، وأنها ماتت، فقال: له النبي عليه الصلاة والسلام: لو كان عليها دين، أكنت قاضية؟ قال: نعم قال: فاقضِ، الله فهو أحقٌ بالقضاء. فهذا الحديث نص على استحباب قضاء الحج، ذلك لأن قضاء الدين لا يجب على ولي المدين، فكذلك النذر المشبه به.
وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات وعليه صيام، صام عنهُ وليهُ. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والإمام أحمد في مسنده. فدلالة هذا الحديث نصت على استحباب الصوم.

وقال البخاري في صحيحه: وأمر ابن عمر امرأةً جعلت أمها على نفسها صلاة بِقُباء، يعني ثم ماتت، فقال: صلي عنها.

مذهب بعض أهل الظاهر:
وذهب ابن حزم وداود الظاهِريان إلى أنه يجب على الولي أن يصوم ويُصلي ويحجّ ويقول بسائر العبادات المنذورة وغيرها عن قريبه الميت. وقد رجح هذا القول الأمير الصنعاني فقال: والظاهر مع الظاهرية إذا الأمر الوجوب، وإذا امتنع الأولياء عن ذلك فهم آثمون عند الله تعالى.
أما رد ابن قدامة على أهل الظاهر: لقد رد ابن قدامة المقدسي في كتابه المغني على زعم أهل الظاهر بقوله: وأمر النبي عليه الصلاة والسلام في هذا محمول على الندب والاستحباب بدليل قرائن في الخير، ومنها أن النبي عليه الصلاة والسلام شبهه بالدَين، وقضاء الدين على الميت لا يجب على الوارث ما لم يخلف تركةً يقضي بها.


شارك المقالة: