ما هي الشروط العامة للمال الذي تجب فيه الزكاة؟

اقرأ في هذا المقال


يشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة خمسة شروط لا يجب إخراج الزكاة منه إلَّا بتوفرها جميعًا وهي:

1- الملك التام: فرغم نظرة الإسلام للمال أيِّ مال كان، فأنَّه مال الله أصلاً قال تعالى:(وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ)”النور 33″.
وقال:(أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم)”البقرة245″، وقال تعالى:(وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ)”الحديد7″.
فإن الله تعالى أضاف الأموال إلى عباده تكريمًا لهم وفضلاً منه تعالى، وابتلاء لهم بما أنعم به عليهم؛ ليشعروا بكرامتهم على الله وأنَّهم خلفاء الله في الأرض، ويحسوا بمسؤوليتهم عمّا ملكهم إياه..
وبناء على هذا المعنى نجد آيات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ)“المنافقون:9″، وقوله:(إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ)“التغابن :15″، وقوله تعالى:(مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ)”المسد:2″، وقوله تعالى:(وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ)”النساء :29″.، وقوله:(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) “التوبة :55”.
وعلى هذا فليس المراد بالملك التام الملك الحقيقي؛ لأنَّ الملك الحقيقي لله وحده.
ولكنَّ المقصود الملك المرتبط بالإنسان على النحو المعروف للجميع، بأن يكون المسلم حائزًا للمال حيازة كاملة، متمكِّناً من التصرف فيه تصرفًا كاملاً بشكل دائم دون قيد على هذا التصرف ودون شراكة من أحد في ذلك..

ويدخل في ذلك انفراده بالحصول على أيِّ فوائد تتولد عن هذا المال منفردًا، والأدلة على هذا الشرط كثيرة منها قوله تعالى:(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(إنَّ الله فرض عليهم في أموالهم….» (صحيح ابن حبان)، ويترتب على هذا الشرط أنَّ المال الذي ليس له مالك معين وليس عليه زكاة كأموال الحكومة التي تجمعها من الزكاة ونحوها، وكذلك الأموال الموقوفة على أمورٍ عامَّة، مثل مصالح المسلمين أو على الفقراء والمحتاجين ونحو ذلك.

كما أنَّ المال الحرام ليس فيه زكاة؛ لأنَّ حائزه لا يتملكه بل يجب عليه أن يعيده لمُلَّاكه الأصليين، لأنَّ السرقة أو الرشوة أو الغصب لايفيد ملكًا.
ويرتبط بشرط الملك التام مسألة زكاة الدين بمعنى: إذا كان هناك دين فهل زكاته على الدائن باعتباره مالكه الحقيقي، أم على المدين باعتباره المتصرف فيه المنتفع به حقيقة؟ والواقع أنَّ الديون نوعان:
الأول: مرجو أداؤه مثل أن يكون على موسر مقر بالدين فهذا يعجل أداء زكاته مع ماله الحاضر في كل حول ما دامت جميع شروط الأداء الأخرى متوفرة.

الثانى: دين ميؤوسٌ الحصولَ عليه بأن كان على معسر لا يرجى يساره أو على شخص يجحد هذا الدين ولا بينة تثبته عليه فهذا لا يزكيه صاحبه إلّا بعد قبضه لو قبضه.

2- النماء: يشترط في المال كي تجري فيه الزكاة أن يكون قابلاً لأن ينمو بعمل ما من صاحبه أو من وكيله، فإن كان ممكنًا للمال أن ينمو فتركه صاحبه ولم ينمه فإنَّه يلزمه زكاته؛ لأنَّ العبرة ليس بالنماء الفعلي ولكن بإمكانية النماء، والدليل على شرط النَّماء هو قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة)”رواه البخارى”، قال النووى: “هذا الحديث أصل في أنَّ أموال القنية لا زكاة فيها” (شرح صحيح مسلم للنووى).

وبالتالى فالمال الذي لا ينمو بغير امتناع من صاحبه عن تنميته لا زكاة فيه، حتى يتمكن صاحبه منه فإن كان المال مغصوبًا لا يمكن استرداده أو دينًا لا يرجى تحصيله أو مخبوء أُنسي مكانه فإنَّه لا زكاة عليه حتى يتمكن منه.

3- بلوغ النصاب: ليس أيّ قدر من المال تجب فيه الصدقة بل حدد الشرع الحنيف مقدارًا محددا تجب في المال الزكاة إذا بلغه، أمّا إن لم يبلغه فلا زكاة فيه، فكان هذا المقدار المحدد سقفًا يتحدد به الفرق بين الغنى الذي تجب فيه الزكاة ومن دونه.

4- الفضل عن الحوائج الأصلية: والمقصود حوائج الإنسان وأهله الأساسية دون إسراف أو تقتير، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لرجل:(ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك -أي الزوجة والولد-، فإن فضل شيء عن أهلك فلذوي قرابتك، فإن فضل شيء عن ذوي قرابتك شيء فهكذا وهكذ)“رواه مسلم”.

5- السلامة من الدين: إذا كان الإنسان مدينًا دينًا ينقص ماله عن قدر النصاب فإنَّه يخرج من دائرة وجوب الزكاة على ذلك المال.

آثار الزكاة الاجتماعية:

فرض الله سبحانه وتعالى الزكاة على المسلمين، وجعلها ركنا من أركان الإسلام الواجبة على كل مسلم في حال تحققت شروط الزكاة لديه فهي حق عليه، فقال تعالى 🙁والذين في أموالهم حق معلوم *للسائل والمحروم )”24-25″.

وجاء الأمر الرباني لتحقيق العديد من الغايات الاجتماعية، فهي طريقة التكافل الاجتماعي الأولى بين المسلمين ففيها مواساة للفقراء، والمساكين، والمحتاجين، لسد حاجاتهم الأساسية من توفير الطعام والشراب والمسكن والملبس والعلاج والتعليم لهم، وإعطائهم إياها بدون مقابل أو بدون إذلال ؛كي ينال المزكَّي الأجر والمثوبة في الدنيا والآخرة.

وأيضا للزكاة أثر كبير في نشر المودة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم، إذ تستل من نفوس الفقراء والمساكين الحقد والغيرة والحسد تجاه الأغنياء وفي الوقت ذاته تطهِّر نفوس الأغنياء من الشحِّ والبخل والجشع والأنانية .


شارك المقالة: