ما جاء في عبادة النبي صلى الله عليه وسلم:
إنّ لكل شخص منا قدوة في حياته، ونحن كمسلمين قدوتنا في حياتنا هو الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، لأنّ الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اتصف بكل الصفات الصحيحة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فالرسول محمد هو المنهج الصحيح في كل شئ، وأن كل ما كان يقوم به النبي هو صحيح لا محاله، فيجب علينا أن نقتدي بكل ما كان يقوم به الرسول محمد، من الأعمال التي يجب علينا أن نتعلمها منه هو طريقة نوم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابة للنبي محمد: ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا)… سورة المزمل، لقد كانت طريقة عبادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غاية الإخلاص، فكان يخلص في عبادته للواحد الأحد في طريقة صيامه أو صلاته أو في أي عبادة، فقالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: “ما كان رسول الله ، يزيد في رمضان ، ولا في غيره ، على إحدى عشرة ركعة ، يصلي أربعا ، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا ، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثا ، فقلت : أتنام قبل أن توتر ؟ فقال : یا تنامان ، ولا ينام قلبي”.
وقد سألت أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: “كان ينام أول الليل ، ثم يقوم ، فإذا كان من السحر أوتر ، ثم أتى فراشه ، فإذا كان له حاجة .. ألم بأهله ، فإذا سمع الأذان وثب ، فإذا كان جنبا أفاض عليه من الماء ، وإلا توضأ ، وخرج إلى الصلاة” رواه البخاري ومسلم وغيرهما”.
ومع أنَّ الله قد غفر لرسوله الكريم كل ما تقدم من ذنب وما تأخر، لكن الرسول محمد كان يخلص في عبادته للخالق وذلك حتى يكون من الشاكرين، فعن الصحابي الجليل سيدنا أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : “كان رسول الله ، يقوم حتى تنتفخ قدماه ، فيقال له : يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا”، وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يوصي دائماً بالصلاة لدرجة أنه وصفها بأنّها قرة عينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة”. صحيح رواه أحمد با متفق عليه .
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ينام في أول الليل ويقوم بعد ذلك بالتعبد والصلاة فقد سُأَلْتُ أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بفي اللَّيْلِ، فَقَالَتْ السيدة عائشة: “كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ ثُمَّ يَقُومُ، فَإِذَا كَانَ مِنَ السَّحَرِ أَوْتَرَ، ثُمَّ أَتَى فِرَاشَهُ، فَإِذَا كَانَ لَهُ حَاجَةٌ أَلَمَّ بِأَهْلِهِ، فَإِذَا سَمِعَ الأَذَانَ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَفَاضَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِلا تَوَضَّأَ وَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ”.
فكان الرسول محمد يقوم بالعديد من العبادات في نصف الليل أو بعده أو قبله فعَنِ الصحابي الجليل عبد الله بن عَبَّاس، “أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ، قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِيمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، ومن ثم قَالَ الصحابي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى، فَفَتَلَهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ مَعْنٌ: سِتَّ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ”.
وكان خير الخلق والمرسلين سيدنا محمد عندما يقوم الليل يصلي ثلاثة عشر ركعة، وقد روي عن “أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً”.
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إذا لم يقم الليل كان يقضي ذلك القيام في النهار، فقد روي عن “قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ بِاللَّيْلِ، مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ النَّوْمُ، أَوْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً”.
وقد حثنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أنّه إذا قمنا نصلي في الليل فنفتتح صلاتنا بصلاة ركعتين، فقد روي “مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ”.
وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يصلى في رمضان إحدى عشر ركعة، فقد “حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، كَيْفَ كَانَتْ صَلاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيَزِيدَ فِي رَمَضَانَ وَلا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، لا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ، وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا لا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلا يَنَامُ قَلْبِي”.
فكانت تلك طريقة عبادة خير الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أنّ النبي يجب علينها اتباعها والمشي على نهجه عليه الصلاة والسلام في كل ما يقوم به من أعمال وعبادات.