ما جاء من صبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
إنَّ لكل شخص منا قدوة في حياته، ونحن كمسلمين قدوتنا في حياتنا هو الحبيب المصطفى محمد صلّى الله عليه وسلم، لأنَّ الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اتصف بكل الصفات الكريمة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فالرسول محمد هو المنهج الصحيح في كل شيء، وأنَّ كل ما كان يقوم به النّبي هو صحيح لا محاله، فيجب علينا أن نقتدي بكل ما كان يقوم به الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم.
فمهما تحدثنا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعن صفاته وعن أخلاقه فلن نستطيع أن نعطيه ولو جزءاً بسيطاً من حقه عليه الصلاة والسلام، يكفي أنّه ممدوح من قِبَلِ الواحد الأحد والذي وصفحه بأنّه صاحب خلق عظيم، فالرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم يملك من الصفات العظيمة والجليلة والكريمة التي جعلت كل من يراه ويجالسه يعشقه ويحبه، فحتى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم عجزوا عن وصف دقيق لخير الخلق والمرسلين من شدة عظمة صفاته وكرمه ومكانته وخلقه العظيم، ومن الأعمال التي يجب علينا أن نتعلمها منه هو طريقة صبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
كان من الصفات الجملية التي امتاز بها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هي صفة الصبر، فكانت أوامر الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام بأن يكون صبوراً، فقال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)…سورة النحل: ١٢٧ – ١٢٨ .
وكان المواقف التي تدل على صبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو ما حدث معه يوم العقبة أو يوم عودته من عند أهل الطائف عندما نزل عليه جبريل معه ملك الجبال.
فقد سألت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها النبي محمد عليه الصلاة والسلام: “هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحد؟”، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ” لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلّا وأنا بقَرن الثعالب (وهو جبل بين مكة والطائف)، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فإذا بجبريل ينادي: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملَك الجبال لتأمر بما شئت فيهم، فجاء ملَك الجبال يسلم على الرسول ويقول: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملَك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين (جبلان بمكة)، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبـد الله وحده ولا يشرك به شيئاً”. حديث متفق عليه.
ومن الصبر العظيم للرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو ما حدث له في غزوة أحد، ففي غزوة أحد تُكسَر رباعيته عليه الصلاة والسلام، ويُشجّ رأسه، فجعل يسلت(يزيل) الدم عنه ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “كيف يُفلح قوم شجَّوا نبيَّهم وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟”، فأنزل الله في القرآن الكريم تلك الآيات: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)….سورة آل عمران: ١٢٨ .
ومن تلك الموالقف ما روي عن خباب قال: “شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بُردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: (قد كان مَن قبلكم يُؤخذ الرجل فيُحفر لـه في الأرض، ثم يُجاء بالمنشار فيُجعل فوق رأسه، ثم يُجعل بفرقتين ما يصرفه عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصرفه ذلك عن دينه، ولَيتمنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله، ولكنكم تستعجلون)”. رواه البخاري، فيجب على الفرد المسلم التحلي بالصبر كما كان يفعل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.