حكم الاحتفال برأس السنة:
لا شكّ بأنّ الأعياد في الشريعة الإسلامية عبادة يتقربُ فيها العبدُ من ربّه، ومن المعلوم بأنّ أعياد المسلمين هي ثلاثةُ أعيادٍ ليس لهما رابع وهما عيدُ الأضحى وعيدُ الفطر ويوم الجمعة الذي يُسمّى بعيد المسلمين.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: “إنّ يوم الجمعة يومُ عيدٍ، فلا تجعلوا يومَ عيدكم يوم صيامكم، إلّا أنّ تصوموا قبلهُ أو بعده” رواه أحمد.
وعن أنس رضي الله عنه، قال: قِدمَ رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: “ما هذان اليومان؟ قالوا: كُنا نلعبُ فيهما في الجاهلية، فقال رسولُ الله صلّى الله عليه: “إنّ الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفِطر” رواه أحمد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “تجيء الأعمال يوم القيامة، فتجيء الصلاة فتقول: يا رب أنا الصلاة، فيقول: إنك على خير، فتجيء الصدقة فتقول: يا رب أنا الصدقة فيقول: إنك على خير، ثم يجيء الصيام، فيقول: أي يا رب أنا الصيام، فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الأعمال على ذلك فيقول الله عز وجلّ: إنك على خير، ثم يجيء الإسلام فيقول: يا رب أنت السلام وأنا الإسلام، فيقول الله عز وجلّ: إنك على خير بك اليوم آخذ وبك أعطي، فقال الله عز وجلّ في كتابه العزيز: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” رواه أحمد .
قال أبو هريرة رضي الله عنه، “نَحن الآخرُون الأوَّلُونَ يَومَ القِيامَةِ، ونَحنُ أوَّلُ من يَدخُلُ الجَنَّةَ، بَيْدَ أنَّهُمْ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِنا، وأُوتِيناهُ مِن بَعْدِهِمْ، فاخْتَلَفُوا، فَهَدانا اللَّهُ لِما اخْتَلَفُوا فيه مِنَ الحَقِّ، فَهذا يَوْمُهُمُ الذي اخْتَلَفُوا فِيهِ، هَدانا اللَّهُ له، قالَ: يَوْمُ الجُمُعَةِ، فالْيَومَ لَنا، وغَدًا لِلْيَهُودِ، وبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصارَى” متفق عليه.
قال ابن القيم: “إنّ الدين الإسلامي هو دين أهلُ السموات والأرض وهو أيضاً دين أهل التوحيد من أهل الأرض، لا يقبل الله من أحد ديناً غيره، وتقسم أديان أهل الأرض إلى ستة أديان، واحدٌ للرحمن وخمسة للشيطان فدين الرحمن هو الإسلام، أما التي للشيطان فهي اليهودية والنصرانية والمجوسية والصابئة ودين المشركين”.
لقد اجتمع بعض علماء الأمّة الإسلامية سلفاً بأنّ اشتراك المسلم بأفراحُ الكافر وخصوصاً منها التعبدية؛ بأنّها حرام، ولا تحلُ بأية حالٍ، ومن ذلك الذي يُحرم على العبد المسلم الابتهاج به مع الكفار، وأن يحتفلوا معهم برأس السنة الميلادية؛ ولأنه أيضاً من خصائص دينهم الباطل الذي يُحرمُ علينا تقليدُ عاداتهم أو التشبه بها. ولقد قرر علماء الأمة الإسلامية بأجمعهم أنّ الاحتفال بهذا اليوم، منكر لا يحلُ لمسلمٍ فعله.
أسباب التي تمنعنا من الاحتفال برأس السنة:
– إنّ في احتفالات رأس السنة والأعياد الميلادية تشبهاً بائناً لما عليه النصارى والمسيحين، وأنّ مقتضى هذا التقليد يُظهر أفضلّية المقلّد على الُمقلد له، ومثل هذا الأمر لا يجوز من مسلمٍ يعبدُ الله تعالى وفضلّهُ على سائر الخلق وسائر الأديانِ.
– إن بالاحتفالات السنوية إظهارٌ للكفار بالودّ المُحرم علينا لأهل الكفر، كما قال الله تعالى: “لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَأنوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَأنهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ” المجادلة:22. وتظهر أمور الود بين المسلم والكافر مثل أن يهنّوا بعضهم بهذا اليوم، وأن يحضروا احتفالاتهم التي يصنعونها فيما بينهم بذلك اليوم، وإظهار الفرح ومشاركتهم في ذلك اليوم.
– إنّ الاحتفال بيوم السنة الميلادية يعمل على زعزعةِ كيان الإسلام وأوثقها، مثل الحب في الله والبغض في الله، وتقويض لهذا الأصل بحب من يبغضهُ اللهُ ويكرههُ.
– أيضاً إنّ الاحتفال برأس السنة الميلادية يُعتبر من البدع التي اصطنعها المرء من غير دليلٍ ولا أصل لها في الشريعة، فالمسلمين بحدّ ذاتهم لو أنّهم هم من اخترعوا هذا الاحتفال لكفى في ردّهِ وعدم العمل به، فالعمل بالبدعةِ أمرٌ منهي عنه بالجملة، فكيف إن كان من أهل الكفر ومن أصحاب الصليب من أحدثوه، فإنّ اجتمع هذا الوصفان صارا علتين مستقلتين في القبح والنهي، كما وضحهُ شيخ الإسلام ابن تيمية.
– إنّ بالاحتفال بالسنةِ الميلادية بيانٌ صريح يُدينُ النصارى، وما هم عليه أتباعهُ من الباطل والبُهتان، وهذا أمرٌ في بالغ الخطورة بمكانٍ، إذا لا دينَ حق بعد مبعث النبي عليه الصلاة والسلام، إلّا دين الإسلام، فقال تعالى: “إن الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” آل عمران:29. وقال تعالى: “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” آل عمران:85. فمن اعتقد خلاف هذا، والعِياذ بالله؛ إذا قامت عليه الحِجة، وتبين له الحق.