حكم اللقيط في الإسلام:
اللقيط يرتبط بأحكامِ اللّقطة، بحيث أنّ اللقطة هي التي تتعلقُ بالأموال المفقودةِ ويسمّى اللقيط بالشخص الذي فُقد وظل طريقه، مما يظهرُ اشتمال أحكام الإسلام لجميع متطلبات الحياة، وسبقهُ في كل مجال حيوي مفيد على حدٍّ يفوق ما تعارف عليه عالم اليوم، من بناء دور الحضانة والملاجئ من أجل الحفاظ على الأطفال الأيتام، والأشخاص الذين ليس له عائلات سواء كانوا أطفال أو كبار السن. لذلك الأمر اعتنى الإسلام بأمور اللقيط، وهو الذي يوجد وحيداً وضالاً عن أهله ولا يُعرف من هو نسبه وأهله.
ويتوجبُ على من وجد هذا اللقيط، أن يأخذهُ وجوباً، فإذا أخذهُ شخص وقام على خدمتهِ، ذهب الإثم عن بعض من الأشخاص، أما إذا تركهُ الجميع، فإنهم يؤثموا مع إمكانية أخذهم له، وذلك بدليل قول الله تعالى: “ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ” المائدة:2 فالآية الكريمة تدلُ على وجوب أخذ اللقيط؛ لأنه يدلُ ذلك على تعاون الناس مع بعضها البعض وبِرّهم لبعضهم. ولأن من أخذ اللقيط أحيا نفسا، فمن الواجب إطعامهُ عن الضرورة القصوى، وإنقاذهُ من الضياع والهلاك.
واللقيط بجميع حالتهِ حرّ؛ لأنّ الحرية هي الأصل في الشريعة الإسلامية، والرقُ هو عارض، فإنّ كان لا يعلم فالأصل عدمهُ.
وأنّ ما وُجد مع اللقيط من مال أو ما وجد حوله فهو للقيط؛ وذلك عملاً بالواقع لأنّ يدهُ عليه، فيقوم بالإنفاقِ عليه من المُلتقط الذي وجد لقيطته من ماله بالمعروف، وذلك لولايته عليه واهتمامهُ فيه، أمّا إذا لم يجدوا معهُ شيء فمن الواجب أن يُنفقوا عليه من بيت مال المسلمين، بدليل قول عمر رضي الله عنه للذي أخذ اللقيط عندما وجدهُ: “اذهب فهو حرّ ولك ولاؤهِ وعلينا نفقتهُ” ومعنى “ولاؤهُ” أي ولايتهِ وقولهُ “علينا نفقتهُ” أي الإنفاق عليه من بيت مال المسلمين.
وهناك لفظ لعمر رضي الله عنه قال: “وعلينا رضاعهُ” أي في بيت المال، فإنّه لا يجب على المُلتقطِ الإنفاق عليه ولا الرضاعة أيضاً، بل يجب ذلك في بيت المال إذا تعذر، ويتوجب الإنفاق على اللقيط أيضاً على من علم من المسلمين، وذلك لقول الله تعالى: “وتعانوا على البرّ والتقوى” المائدة:2 وذلك لما في ترك الإنفاق عليه يؤدي لهلاكه.
أمّا حُكمهُ من ناحية الدين الإسلامي، أنه إذا وُجد في دار الإسلام أو في دولة كفار يوجد فيها المسلمون، فيُعتبر مسلم، لقوله عليه الصلاة والسلام: “كل مولود يولد على الفطرة” وإذا وُجد في دولة كفار كاملة وعدد المسلمون فيها قليل، فإنّه يُعتبر كافراً انتماءً للبلد الذي يوجد فيها. وأنّ حضانتهُ للشخص الذي وجدهُ إذا كان أميناً عليه؛ وذلك لأنّ عمر رضي الله عنه أقرّ اللقيط في يدّ أبي جميلة حين علم أنّه رجلٌ صالح، قال: “لك ولاؤه” بمعنى ولايتهُ، ومن سبقهُ إليه فهو أولى به.