كيفية الدعوة إلى البدعة في الدين

اقرأ في هذا المقال


البدعة:

هو ما أحدث في الدين ممّا ليس منه لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏”‏من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد‏” ‏رواه الإمام البخاري في ‏”‏صحيحه‏”‏من حديث عائشة رضي الله عنها‏، وإذا فعل الشيء المخالف جاهلاً؛ فإنه يعذر بجهله ولا يحكم عليه بأنه مبتدع، لكن ما عمله يعتبر بدعة‏.‏

الدعوة إلى البدعة في الدين:

إن من البدع في الدين ما يوجب الكفر، ويأخذ الداعية إليها ومعتنقُها حكم المرتد، فيقتل حداً. تبعاً وهناك من البدع ما لا يوجب الكفر، فيكون فيها التعزير الذي يُناسبها، ويكفي لمنعها تبعاً لكل حالة. فهل يجوز أن يصل التعزير إلى درجة الإعدام.
فقال ابن عابدين في حاشيته: إن التعزير واجبٌ في كلِ بدعةٍ لا توجب الكفر، بأي وجهٍ يمكن أن يمنع من ذلك، فإن لم يمكن المنع بغير حبس وضرب يجوز الحبس والضرب، وإذا لم يمكن المنع بغير السيف، فإنه يجوز قتل رئيس أهل البدعة وقدوتهم سياسةً وامتناعاً.
والمبتدع إذا كان له دلالة ودعوةً للناس إلى بدعته ويتوهم منه أن ينشر البدعة، وإن لم يحكم بكفره يجوز للسلطان قتلهُ سياسةً وزجراً؛ لأن فساده أعم وأعظم، إذ يؤثر في الدين، والبدعة إذا كانت كفراً يُباح قتل أصحابها عموماً، وإذا لم تكن كذلك يُقتل المعلم والرئيس زجراً وامتناعاً.
أما عند المالكية، إن الداعية إلى البدعة، المُفرق للجماعة يُستتاب فإن تاب وإلا قُتل. وبهذا الرأي قال بعض الشافعية في قتل الداعية، كالجهميةِ والراوفظِ والقدرية.
أما عند الحنابلة، فإن المبتدءِ الداعية يُحبس عند أحمد ابن حنبل حتى يَكفَ عن بدعته، والدعوة إليها، ونقل القتل عنه في الدعاة من الهمية، بدفع شرهم عن الناس به. وفي كشاف القناع، أن المبدع الداعية عقوبتهُ القتل؛ وذلك وفقاً للمالك.
وعلى ذلك قال جمهور الفقهاء، على أن الذي يدعو للبدعة في الدين، ويُفرقُ جماعة المسلمين، يجوز التلقي في عقوبته إلا أن القتلَ تعزيرياً، إذا لم يمكن دفعه واتقاء شره وحماية الناس ودينهم منه إلا بالقتل. وفي ذلك إخلاءُ للمجتمع من العضو الفاسد. فقد تعين البترُ جزاءً له، وفي غيره زجرٌ، ومنع من ارتكاب مثل ما ارتكب من جرم، يزيدُ فساده ويَعمُ بتأثيره في الدين.

أقوال الفقهاء في القتل تعزيرياً:

نستنتج ممّا تقدم إن القتل تعزيرياً مشروعاً عند الحنفية، وأن مجال الجرائم التي شرع في جنسها القتل، إذا تكرر ارتكابها، ولم يمكن دفعُ شرُ الجاني فيها، وكف أذاه عن المجتمع إلا به، وكذلك الجرائم التي تُعتبر إفساداً للمجتمع إذا تكرر ولم يُفد فيها إلا الإعدام، ومن تكرر جنسُ الفساد، ولم تردعهُ الحدود المقدرة. وعلى رأي الحنفية أنه سار بعض الحنابلة، خصوصاً ابن تيمية وابن القيم.
أما المالكية، فإن القتل تعزيرياً مسلمٌ عندهم، فقد قال مالك بقتل الداعية إلى البدعة لفساده في الأرض، وعلى ذلك فقد سار بعض الشافعية. ويقول مالك أيضاً بقتل الجاسوس المسلم تعزيرياً. ويمكن أن نقول بعد هذا البيان؛ أن جمهور الفقهاء يُجيزون القتل سياسةً على سبيل التعزير، وأن توسع البعض في هذا المجال وضيق الآخرون.


شارك المقالة: