النذر المباح:
النذر المباح: هو أن يلتزم الناذر بفعلٍ مباح من المباحات أو الكفِ عن شيءٍ منها كما هو معروف ما خيّر الشارع الحكيم بين فعله وتركه، مثل الركوب وأكل الحلوى ولبس ثوبٍ معين والزواج والطلاق والنوم وغير ذلك. ومن الأمثلة على هذا النوع من النذر، لله عليّ أن أفطر عند جارتنا أو عليّ ألاّ آكل الحلوى شهراً أو لله عليّ ألا أنام هذه الليلة أو لله عليّ أن أحلق رأسي غداً.
حكم النذر المباح:
إنَّ للفقهاء في هذا النذر المُباح قولان:
القول الأول: أنه ينعقد نذر المباح والناذر يُخير بين أمرين وهما الوفاء بالنذر المباح، والثاني أن يُكفر كفارة اليمين، فهو إنَّ شاء وفى بنذره وإنَّ شاء ترك وكفّر كفارة يمين؛ وهذا مذهب الحنابلة وعليه جماهير الأصحاب منهم. ودليل أصحاب هؤلاء القول هو حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: لا نذر في معصيةٍ وكفارته كفارة يمين. فالحديث يفيد أن كفارة النذر مهما كان كفارة يمين، ويدخل فيه هذا القسم من النذر. وقال النبي صلى الله عليه عليه وسلم لأخت عقبة لما نذرت المشي إلى بيت الله الحرام فلم تُطقه “تُكفر عن يمينها”.
القول الثاني: وهو لا ينعقد هذا النذر وليس عليه كفارة. وقال بهذا القول الحنفية والمالكية، وهو الأصح في مذهب الشافعي كما في الروضة والشَرحين وصوبه النووي في المجموع. واستدل هؤلاء على ماذَهبوا إليه بالأدلة التالية منها، أنه روى أبو داود في سننه بإسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا نذر إلا فيما يبتغي به وجه الله ولا يمين في قطيعة رحم. ولا يُعدّ الأمر المباح قربةً كأن يلتزم الناذر بلبسِ ثوبه أو نوم له أو أكل الحلوى أو عدم أكلها، فجميع هذه الأمور لا تُعدّ قرباً يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى.
ودليلهم من القياس: أنه خرج ابن قدامة هذا القول على مذهب أحمد بقوله: فإنَّ أصحابنا قالوا فيمن نذر أن يعتكف أو يُصلي في مسجد معين، فإنَّ له أن يُصلي ويَعتكف في غيره ولا كفارة عليه، ومن نذر أن يتصدق بماله كلهِ أجزأته الصدقة بثلثهِ بلا كفارة، وهذا مثله.
وروى مسلم في صحيحه بإسناده عن أنس أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى شيخاً يُهادي بن ابنيه، فقال: ما بال هذا، قالوا: نذرَ أن يمشي، قال: إنَّ الله عن تعذيب هذا نفسهُ لغنيٌ. وأمره أن يركب.