ما هو حكم الإطالة في دعاء القنوت؟

اقرأ في هذا المقال


حكم الإطالة في دعاء القنوت:

يجب أن يكون دُعاء القنوتِ جامعاً وأن لا يُطيل فيه؛ لأن المتعارف من هدي النبي عليه الصلاة والسلام، أنه كان لا يُطيلُ في قنوتهِ، بل أنه كان يأتي بجوامع الكلم. أما ما يفعله الكثير من أئمة المساجد في زماننا من إطالةٍ للدعاء وتعمّد السجع فيه، فهذا ليس من هديه صلى الله عليه وسلم .

فالعبرةُ في الدعاء أن يكون خارجاً بصدق الداعي وطهارةِ نفسه وإخلاصهِ وقوة رجائه والعبودية لله تعالى فيه، وليست العبرة بطول الدعاء وتكلّف السجع.

قال الإِمام البخاري: “باب ما يكره من السجع في الدعاء” وساق هذا الأثر عن عكرمة عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: “حَدِّثِ الناس كل جمعة مرّة، فإن أَبَيْتَ فمرتين، فإن أكثرت فثلاث مرّات. ولا تملّ الناس هذا القرآن، ولا ألفَيَنَّكَ تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقصّ عليهم فتقطع عليهم حديثهم فتملّهم، ولكن أنصت، فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه. وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه؛ فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب” أخرجه البخاري.

ومعنى السجع هو الكلامُ متشابهُ المخارجِ وليس بشعر.

وخلاصة الكلام في ذلك أنّه لا يتكلّف الداعي السجع تكلّفًا يذهب صدق الدعاء واللهج به ويصرفه عن قصده. ولا يطيل فيه إطالة يخالف فيها هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – ويشقّ على المأموم فيها. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يستحبّ الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك” أخرجه أبو داود.

ما هو حكم الدعاء على معين:

لا يجوز تعيين أشخاص بأسمائهم بالدعاء عليهم، وما نشاهده من بعض الأئمة من تعيين رموز الكفر بالدعاء عليهم، هذا الأمر لا ينبغي؛ وذلك لأمور منها:

أولًا: أن الله تعالى نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك حينما عين بعض الأشخاص وهم صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فأنزل الله تعالى: “ليْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ” آل عمران:128.

ثانيًا: لعلّ الله أن يتوب على المدعُوِّ عليه فَيُسْلِمَ، وهذا قد حصل فيمن ذكرنا أسماءهم؛ فقد تاب الله عليهم كلهم، فأسلموا وحسن إسلامهم.

ثالثًا: أنه في دندنة المسلم بلعن الكافر المعين صرفٌ عن المقصود الأول والحكمة البالغة، فإن في تعيينه باسمه ما يحمله أن يزداد في طغيانه وصرفه عن دعوة الإِسلام التي جاءت بمثابة الهداية لجميع الخلق، وهذا أمر محسوس وملموس؛ فإن الواحد منا لا يرضى أن يذكر بأمر يسوءه، بل يزداد تمرّدًا عن قبوله للحق، فكيف بحال من لم يذق طعم الإيمان.

رابعًا: ومن ينظر إلى دعاء عُمر رضي الله عنه في قنوته يجِدُ أنه سلك المنهج النبوي، فلم يُعيّن، بل قال: “اللَّهم إلعن كفرة أهل الكتاب الذي يصدّون عن سبيلك ويكذّبون رُسلك ويقاتلون أولياءك” وهؤلاء كان لهم حكَّام، فلم يعيّنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأسمائهم وأنه هنا عمّم ولم يخصّ.

ومن هنا نرى أنه لا يُشرع تعيين أحد من الكفرة ولا غيرهم في القنوت؛ حيث ورد النهي عنه، وفي الدعاء بالوصف كما فعل عمر رضي الله عنه غُنْيَةٌ.


شارك المقالة: