ما هو حكم تحريم الغناء والآلات والمعازف في القرآن الكريم؟

اقرأ في هذا المقال


حكم تحريم الغناء في القرآن الكريم؟

لقد حرم الله تعالى الغناء في الكتاب والسنة وآثار الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء، وسنذكر حكم الغناء والمعازف والملاهي هنا في القرآن الكريم وما ورد عن ذلك من نهي ومنها ما يلي:

1- قال الله تعالى للشيطان: “قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا-وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا” الإسراء:63-64.

وقال تعالى: “واستفزز من استطعت منهم بصوتك” أي استخف واستهجل، قال مجاهد في قوله تعالى: “واستفزز من استطعت منهم بصوتك” قال: باللهو والغناء، وقال ابن عباس رضي الله عنهما” صوته: كل داعٍ دعا إلى معصية الله تعالى.

وقال الإمام ابن جرير رحمه الله: إنّ أولى الأقوال بالصحة هو أن يقال: إنّ الله عزّ وجل قال لإبليس: أي عليك أن تحاول أن تستفز من ذرية آدم من استطعت أن تستفزهُ بصوتك، ولم يحدد في ذلك صوتا دون صوت، فكل صوت كان دعاء إليه وإلى عمله وطاعته، وخلافاً للدعاء إلى طاعة الله، فهو داخل في معنى صوته الذي قال الله تبارك وتعالى اسمه له: “واستفزز من استطعت منهم بصوتك” وهذا يدل على أنّ داعٍ دعا إلى معصيه الله تعالى من صوت الشيطان سواء كان ذلك من اللعب المحرم، أو اللهو والغناء المحرم، أو من المزامير، والموسيقى، وأصوات المسلسلات والطبول، والربابة، وغير ذلك من الأصوات.

وقال الإمام البغوي رحمه الله: “بصوتك” قال الأزهري معناه: ادعهم دعاءً تستفزهم به إلى جانبك، أي: تستخفهم. وقال الضحاك: صوت المزمار، وقيل بصوتك: بوسوستك. والصواب أن صوت الشيطان يشمل كل ما ذكر.

2- قال الله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ – وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ” لقمان:6-7.

وقول الله تعالى: “ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليُضلّ عن سبيل الله بغير عِلمٍ”. فقيل عمّا في هذه الآيةِ هو من يشتري الشراء المعروف بالثمن، وقيل: أنّ معنى ذلك هو من يختار لهوَ الحديث ويستحبّهُ، وقيل: أي يستبدل ويختار الغناء، والمزامير والمعازف على القرآن، وقيل: يشتري، أي أنه يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء. وأمّا قوله تعالى: “لهو الحديث” فقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “الغناء والذي لا إله إلا هو، يُرددها ثلاث مراتٍ”.

لقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بأنّ معنى “لهو الحديث”: الغناء وأشباهه وفي رواية عنه، هي شراء المغنية وفي روايةٍ عنه أيضاً بأنّه قال: إنّ باطل الحديث هو الغناء ونحوه”. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: “هو الغناء، والاستماع له” وفسّر الإمام مجاهد رحمة الله “لهو الحديث” الغناء وفي رواية عنه: “المغني، والمغنية بالمال الكثير، أو الاستمتاع إليه، أو إلى مثله باطل، وفي روايةٍ عنه: “أنّه كان يعني باللهو الطبل”. وفسر عكرمة رحمه الله: “لهو الحديث بالغناء”. وفسرَ الضحاك رحمه الله لهو الحديث بالشرك”.

وقال الإمام الطبري رحمهُ الله: إنّ الأمر الصائب من القول في ذلك أنّ يُقال، عَنى به كلّ ما كان من الحديث مُلهيّاً عن سبيل الله، ممّا نهى الله عن استماعه، أو رسوله عليه الصلاة والسلام؛ وذلك لأنّ الله تعالى عمّم بقوله: “لهو الحديث” ولم يُخصص بعضاً دونَ بعض، فذلك على عمومه حتى يأتي ما يدلُ على خصوصهِ، فالغناء والشرك من ذلك.

وقال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين: “ومنَ النّاس من يشتري لهو الحديث ليُضلّ عن سبيل الله بغير عِلمٍ ويتخذها هُزواً أولئك لهم عذابٌ مهين- وإذا تُتلى عليه آياتنا ولّى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً فبشرهُ بعذابٍ أليم” لقمان:6-7.

أنّه لمّا ذكر الله تعالى حال الناس السعيدة، وهم الذين يهتدون بكتاب الله، وينتفعون بسماعه، كما قال: تعالى: “اللهُ نزل أحسن الحديث كتاباً مُتشابهاً مثاني تقشعِرُ منهُ جُلود الذين يخشون ربهم ثم تلينُ جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هُدى الله يهدي به من يشاء ومن يُضلل الله فما لهُ من هادٍ” الزمر:23. فقد عطف بذلك حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله، وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان، وآلات الطرب، كما ذكر ابن مسعود في قوله تعالى: “ومن الناس  من يشتري لهو الحديث” قال: هو والله الغناءُ.

3- وقال الله تعالى: “وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا” الفرقان:72. فقول الله تعالى في “لا يشهدون الزّور”، قال الضحاك هو الشرك. وقال مجاهد: لا يسمعون الغناء، وقال ابن جريج: هو قول الكذب. فقال الإمام ابن كثير رحمه الله “لا يشهدون الزّور” قيل: هو الشرك، وعبادة الأصنام، وقيل: الكذب، والفسق، واللغو، والباطل، وقال محمد الحنفية: “لا يشهدون” أي اللهو والغناء.


شارك المقالة: