ما هو حكم تشقير الحاجبين؟

اقرأ في هذا المقال


حكم تشقير الحاجبين:

إنّ مسألة تشقير الحواجب هي من الأمور الجديدة التي هي تعتبر مسألة من أجل اجتهاد بعض أهل العلم فيها.  فهل تتطرق أدلة الوحي وتدلُ عليها بوسيلةٍ ما من وسائل الدلالات؛ أو هي داخلة في نطاق الأشياء التي سكت عنها الشرع ، فيصبح الأصل فيها الإباحة. فالتشقير:  وهو عبارة عن تغيير شعر الحاجبين من لونها الحقيقي إلى لونٍ يميلُ إلى لون الجلد؛ بحيث يبدو أنّهما  محدودانِ ومرسومانِ، وهو أيضاً  عبارة عن صبغ الطرف الأعلى للحاجب والطرف السفلي من الحاجب لكي يظهر وسطهُ دقيقاً.

أنواع التشقير:

إنّ للتشقير ثلاثة أنواعٍ وهي تتمثل فيما يلي:

النوع الأول: وهو أن يُصبغ الحاجب بلونٍ مُغاير لا يُشبهُ لونهُ الحقيقي، وقد يكون هذا على الأغلب لونه الأصلي.  وغالباً ما يكون هذا متطابقاً مع لون الشعر ويصبغ جميع شعر الحاجب، بلون غير لونه الأصلي، وغالباً ما يكون موافقاً للون الشعر، فهذا خارج محل البحث، والأظهر جوازه، إذ لا يوجد دليل على المنع.

النوع الثاني: وهو أنّ يُصبغ طرفي الحاجب العلوي والسفلي، بحيث يُصبح الحاجب رقيقاً ودقيقاً، ويُصبح الطرف السفلي والعلوي غير ظاهر؛ بسبب الصبغة التي تشبه لون الجلد.

النوع الثالث: وهو أن توضع الصبغة على الحاجب بشكلٍ كامل وبلونٍ مُشابهٌ للون الجلد، ثم بعد ذلك يُرسم عليه بقلمٍ رقيق ولونه يُشبه لون الحاجبين.

لقد اختلف أهل العلم المعاصرون في هذه المسألة على قولين وهما:

القول الأول: وهو أنّ التشقير بهذه الطريقة لا يصح، وعلى هذا القول اعتمدت اللجنة الدائمة وقالت. وأنّ التشقير قد انتشر في الآونة الأخيرة بين مجموعةٍ من النساء والفتيات ظاهرة تسمى تشقير الحاجبين، بحيث أن تكون هذه الظاهرة من فوق الحاجب ومن تحته بشكلٍ يشابه بصورة مطابقة للنمص من ترقيق الحاجبين، وليس من المستبعد أن هذه الظاهرة جاءت تقليداً للغرب، وأنّ خطورة هذه المادة المشقرة للشعر من الناحية الطبية ، والضرر الحاصل له، فما حـكم الشرع في مثل هذا الفعل.

 القول الثاني: أنّ التشقير بهذه الصفة يجوز، وبهذا القول أخذ شيخنا محمد العثيمين رحمه الله وغيره. ويستدل أصحاب هذا القول بأنّ الأصل في تجمل المرأة الجواز. وهو الأقراب للأمر الصحيح هو أنّه محرم، ويدل على ترجيح هذا الأمر هو ثلاثة أدلة وهي:

الدليل الأول: وهو أنّ التشقير جاء على معنى التنمص الذي نُهي عنه، وقد أفاد النص الوارد في النمص، أنّ التحريم سببه تغيير خلق الله، وذلك طلباً للحسن. وهذه العلة تعد علة منصوصاً عليها.

وقال النووي: وأمّا قوله المُتفلجات للحُسن، أيّ معناه أنهنّ يفعلن ذلك طلباً للحسن، وفيه دليلٌ إلى أنّ الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أمّا لو أنّها فعلتهُ من أجل العلاجِ، أو عيب في السّن ونحوه، فلا بأس في ذلك الأمر.

الدليل الثاني: إنّ استعمال مادة المشقر، يعمل على طلوع الشعر بغزارة، وهذا بسبب تأثير المواد التي تُصنع منها صبغة الشعر أو صبغة الحواجب. وقد ثبت هذا في واقع النساء، وأنّ خروج الشعر بكثافة يجعل المرأة تلجأ إلى النمص المحرم شرعاً؛ لأنّ التشقير يصبح لا يجدي نفعاً مع تزايد خروج الشعر بشكل لا يخفيه التشقير ، والقاعدة الشرعية أنّ ما أدّى إلى محرم فهو محرم.

الدليل الثالث: أن المواد الكيميائية أو المركبات التي تصنع منها صبغة الشعر فإنّه يوجد فيها أضرار صحية خطيرة، والأبحاث الطبية التي كُتبت في هذا درست عن هذا الموضوع كثيرة، لا أريد التطويل بالنقل منها ، ولكن أكتفي بنقلٍ واحد يتعلق بالسوق المحلية.

أمّا حكم صبغ شعر الحاجبين بلون يقارب لون البشرة، فالإجابة عن ذلك هي أنّه لا بأس به؛ لأنّ الأصل في هذه المسائل هي الإباحة إلاّ بدليل يقتضي التحريم أو الكراهة سواء من الكتاب والسنة. ونبين هذا القول بما يلي:

1 – إنّ الصبغة لا تُغير خلق الله؛ وذلك لأنّ أساس خلق الله هو أن يبقى ثابتاً ودائماً، وأمّا ما لا يكون كذلك كالحنّاء والكحل فليس من تغيير خلق الله ولو فرضنا أن الصبغ تغيير لخلق الله فإنّ هذا يلزمنا أن نمنع صبغ الشعر مع أنّ تغيير الشيب من السنن المشهورة ولا يعُد ذلك من تغيير خلق الله.

وقد دلّت بعض النصوص على حرمة التغير في خلق الله تعالى، والإخبار بأن هذا الشيء جاء بأوامر من الشيطان التي يضلُ بها الإنسان. فقال تعالى : “وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا – لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا – وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا” النساء:117-119.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ : إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ ، فَقَالَ : وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم” رواه البخاري.

2 – إنّ الصبغ يختلف عن النّمص ولا يدخل في معناه؛ وذلك لأنّ الصبغ هو تلوينٌ للشعر فقط. وأمّا النمص فهو إزالة جذور الشعر أو بقائها مع تقصير وقص. فلا تشابه ولازم المشابه بين الصبغ والنمص أنّ من صبغ شعر إبطه قلنا له هو حسبك من النتف وهذا لا يقول به أحد.


شارك المقالة: