ما هو حكم مشاهدة المسلسلات؟

اقرأ في هذا المقال


حكم مشاهدة المسلسلات:

وقد أمر الله تعالى المسلم أن يحفظ ممتلكاته الجسدية من فعل المحرمات. وهذه المحافظة على الجسد من باب الشكر على النعم العظيمة التي أنعمها الله على عباده. وقد حذر الله تعالى من عذاب شديد على استعمال هذه النعم في المعاصي. السمع والبصر من أهم هذه القدرات الجسدية. إنّهما طريقتان لإفساد القلب “روحياً”، والقيام بأعمال الفاحشة، وكبائر الخطايا التي قد تهلك في جهنم. وقد أخبرنا الله تعالى أنّه سيسألنا عن ذلك كله يوم نلقاه. فقال تعالى: “إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا” الإسراء36.

وقال ابن القيم رحمه الله: إنّ الملكات الجسدية السبع هي العين والأذن والفم والجزء الخاص واليد والقدم ، والتي قد تكون سبب الهلاك أو سبب الخلاص. من أهملهم ولم يحميهم يهلك، ومن يحميهم ويهتم بهم يخلص. فحراستهم أساس كل خير، وإهمالهم هو أساس كل شر. فقال الله تعالى: ” قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ” النور:30.

فقد دلّت الآية الكريمة على غض البصر وحماية الجنب معاً تدل على أنّ إغفال البصر وسيلةً لحماية العفة أو حراستها، وأن إخلاء البصر هو سبب للوقوع في الفاحشة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “نَّ اللَّهَ كَتَبَ علَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أدْرَكَ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، والنَّفْسُ تَمَنَّى وتَشْتَهِي، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلكَ أوْ يُكَذِّبُه” صحيح البخاري. وفي رواية أخرى لمسلم: “زنا العين منظر، وزنا الأذنين سماع، وزنا اللسان يتكلم، وزنا اليدين يمس، وزنا القدم يمشي”. فالقلب يشتاق ويتمنى والجانب يؤكد ذلك أو ينفيه “.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: إنّ دليلنا هنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: “زنا العين ينظر”. وكون تسمية الزنا لنظر العين إلى ما لا يجوز دليل صريح على تحريمه، وتحذير منه. الأحاديث التي في قولها كثيرة ومعروفة.

ومن المعلوم أن النظر هو سبب الزنا؛ لأن من كثرة النظر إلى جمال المرأة على سبيل المثال قد ينمي لها حباً قوياً في قلبه نتيجةً لذلك، وقد يكون سبب هلاكه والعياذ بالله  فإنّ النظرة هي طريق الزنا.

ما يظهر في المسلسلات والأفلام والمسرحيات من عرض النساء الفاضح والمتعس والتبرج وأصواتهن الرقيقة والمشي والرقص والغناء، فكل هذه أمور حرام في دين الله، وهم من أسهل الوسائل التي تمكن الشيطان من الدخول والاستقرار في قلب المشاهد، حيث يستطيع أن يتولى زمام الأمور ويوجه الإنسان وملكاته الجسدية بما يغضب الله تعالى.

لا ينبغي لأحد أن يجادل في الآثار السيئة لهذه المسلسلات والأفلام على المجتمعات بشكل عام والشباب والشابات بشكل خاص. قد يسحر الممثل امرأة متزوجة فتفتن به وتدمر عائلتها بأفعالها. وقد يفتن الشباب بالممثلات الجميلات، ولهذا يتخلون عن الزواج الحلال سعياً وراء اللذة المحرمة، بالإضافة إلى أنّ هذه العروض قد يكون لها أثر في تمييع المعتقدات الإسلامية، وتعليم العنف وجعل الجريمة جذابة وجعل الناس يجرؤون على شرب الخمر ومرافقة النساء الأجنبيات وغير ذلك من الآثار السيئة.

وما تحدثنا عنه في المشاهدة المحرمة يقال أيضا في الاستماع المحرم. لا شك في أنّ الأغاني والموسيقى التي يمتلئ بها العالم بمضمونها الفاسد وإثارة الفاحشة، كالفتن بالأجنبيات، والتواصل معها، والشعور بالأسف عند الابتعاد عنها.

أراء البعض العلماء من ناحية المسلسلات:

وأنّ تلك الأمور لا مجال فيها للرأي الشخصيّ، بل إنّه يتوجب البحث عن الحكم الشرعيّ، والتمثيل كله من المسائل المستجدَّة التي اختلف فيها العلماء، فمنهم من حرّمها لما فيها من الكذب وانتحال شخصيات الآخرين، ومنهم من أجازها إذا كانت تحثُّ على الفضيلة، والواقع أن طبيعة التمثيل وما فيه من اختلاط الرجال بالنساء، والمواقف المنافية لأحكام الشريعة، تجعله إلى التحريم أقرب، وهيهات أن يَسْلم من المؤاخذات الشرعيّة بالإضافة إلى ما فيه من إساءة إلى السلف الصالح عندما يقلِّدهم أصحاب الفسق والمعاصي، ولا ننسى أنهم بتلك التمثيليات يعطون صورة غير صحيحة عن السلف الصالح، فالملابس كما يتخيّلها المخرجون الذين لا علم لهم بملابس ذلك العصر، ومثل ذلك الكلام والحركات.

وبالإضافة إلى ذلك فالإسلام قام بتحريم التصوير والإذن بنقل الأخبار الصالحة؛ من أجل الاهتمام بالأخلاق والصفات الفاضلة وليس بالأشكال والملابس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ” متفق عليه.


شارك المقالة: