حكم نباش القبور:
النباش هو: الذي ينبش القبور ويسرق منها أكفان الأموات.
ومن هنا اختلف أهل العلم في قطعه، وقال بهذا الصحابة والتابعين برواية الزهري: وهي أن نباشاً رفع إلى مروان بن الحكم وعزره، ولم يقطعه وقيل في المدينة لم ينكره أحدٌ منهم؛ لأن أطراف الميت أغلظ حرمة كفنه، فلما سقط ضمان أطرافه فالأولى أن يسقط القطع، ولو سرق من القبر غير الكفن لم يقطع؛ لأن ما كان حرزاً لشيء كان حرزاً لأمثاله وهنا ليس القبر حرزاً لمثل الكفن لأن الكفن معرّضٌ للتلف، فخرج عن حكم المحفوظ المستبقى، فسقط عنه القطع؛ لأن الكفن لا مالك له، وما لا مالك له، لا قطع فيه لعدم المطالبة فيه مثال عليه مثل مال بيت المال.
وإن قيل النباش ليس بسارق، وذلك لأن اختصاصه نباش، وليس سارق فهذا يوجد له جوابان:
الأول: إن السارق هو المستسر بأخذ الشيء من حرزه وهذا الشيء موجود في النباش فوجب أن يكون سارقاً.
الثاني: أن ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سارق الميت كسارق الحيّ. وقال عمرو بن عبد العزيز: يقطع سارق أحيائنا وسارق موتانا فسُمّي سارقاً وقال تعالى” ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا“المرسلات:25. أي نجمعهم أحياء على ظهرها وتضمهم أمواتاً في بطنها.
وأما عن قولهم بأن لا مالك لكفن الميت فقد اختلف الصحابة بهذا الأمر على ثلاثة أوجه:
1- يكون لورثته على فرائض الله، ويعود للورثة وهم الخصوم في قطع السارق.
2- يكون لبيت مال المسلمين ويكون الإمام هو الخصمُ في القطع.
3- أنه لا مالك للكفن؛ وذلك لأن الميت لا يملك، والوارث لا حق له فيه ولا يمتنع أن يقطع فيما لا مالك له ويقطع في أستار الكعبة والمساجد.
وروى البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقطع المختفي وكان في ذلك أمران:
أ – لاختفائه بأخذ الكفن.
ب – لإظهاره الميت في أخذ كفنه، و يُسمّى المظهر المختفي وقيل أنها عورةٌ يجب سترها، فجاز عليه القطع فيما سرق من ستر؛ لأنه حكم يتعلق بسرقة مال الحي، فجاز أن يتعلق بسرقة كفن الميت كالضمان. إن سرقة التابوت لا قطع فيه لأن التابوت منهي عن الدفع فيه، فلم يصر القبر حرزاً له فسقط فيه القطع.