ما هو وصف أحوال يوم القيامة في قصة إبراهيم عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


وصف أحوال يوم القيامة في قصة إبراهيم عليه السلام:

لقد ورد في قصة إبراهيم عليه السلام بعضٌ من أحوال يوم القيامة، ولا سيما الأحداث التي تحصل في العرض أمام الله، وقد ورد هذا في القرآن الكريم والسنة النبوية، فقد ورد في القرآن الكريم تصوير لبعض من أحداث يوم القيامة عقب الحديث عن قصة إبراهيم عليه السلام في دعوته لقومه وإثباته لهم صفات الجلال والكمال لله تعالى، ودعائه عليه السلام لربهِ كما ورد ذلك في سورة الشعراء: “يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ – إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ – وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ – وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ – وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ – مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ – فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ – وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ – قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ – تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ – إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ – وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ – فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ – وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ – فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ” الشعراء:88-102.
إن في الآيات الكريمة التالية بيانٌ لوصف الجنةِ يوم القيامة، وبأنها تُعد للمتقين الذين خافوا الله في كل أحوالهم، وعملوا اتقاء هذا اليوم، فأطاعوا الله في كل ما أمر، كي ينجوا من عقابه في الآخرة، وكذا الجحيم تظهر للذين زاغوا عن السبيل، وضلوا عن الصراط المستقيم، وخوطب الغاوون في ذلك الموقف العصيب، وقيل لهم: أين الأنداد الذين كنتم تعبدونهم من دون الله؟ فهل يُنقذونكم من النار، أو يستطيعون إنقاذ أنفسهم، ثم تبينُ الآيات مشهداً يراهُ الجميع، وهو كيف يقذف في النار الآلهة وعابديها والغاوون وهم الشياطين، فيُكبكبوا فيها مُنكبين على وجوههم، لا ينفعهم أحد ولا يشفع لهم شافع، ويتمنوا يومئذ أن لو كان لهم رجعة حتى يصيروا مؤمنين، ولكن هيهات لهم ذلك، فهذه صور مما سيقع يوم القيامة على رؤوس الخلائق، ذكرها القرآن الكريم في معرض الحديث عن يوم القيامة.

الخليل إبراهيم عليه السلام هو أول من يُكسى يوم الحشر:

يحشرُ الله عباده يوم القيامة حُفاةً عُراه غرلاً، ثم يكسو الله عباده، فالمؤمنين يُكسون بالثياب الحسنة، وأما المجرمون فيلبسون ثياباً من قطران، وملابس منتنة ومنكرة.
وأول من يُكسى يوم القيامةِ هو الخليل إبراهيم عليه السلام، وبهذا الأمر أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: “إنكم محشورون حُفاةً عراة غُرلاً، ثم قرأ: “كما بَدَأنا أولَ خلقٍ نُعيده وعداً علينا إنّا كُنّا فاعلين”. وأول من يُكسى يومُ القيامةِ إبراهيم عليه السلام” صحيح البخاري.
وهناك حديث ثالثُ مثلهُ، وفيه زيادة وهي: وأول من يُكسى من الجنة إبراهيم عليه السلام بِحُلةٍ من الجنة، ويُؤتى بكرسي فيطرحُ عن يمينِ العرشِ، ثم يؤتى بي فأكسي حلةً من الجنة لا يقوم لها البشر. فتح الباري.
والحكمةُ في خصوصية إبراهيم عليه السلام بذلك؛ لكونه ألقي في النار عرياناً، وقيل: لأنه أول من لبسَ السراويل، وقيل أنهُ ليس في الأولين والآخرين أخوف الله منه، فكانت الكسوة أماناً له ليطمئن قلبه، وأي أمر مما سبق كان، فهذا هو بيانٌ لاصطفاء الله عزّ وجل لخليله بأن يكسيهِ يوم العرض في أرض المحشر يوم تقفُ الأشهادُ على ربها، وهو أول من يكسى في يوم الموقف العصيب.

وصف الحال التي يكون عليها والدُ إبراهيم عليه السلام يوم القيامةِ:

إنّ من الأحوال التي تقعُ يوم القيامةُ وخصوصاً مع الخليل إبراهيم عليه السلام، هو مسخ أبيه إلى ذيخٍ متلطخ بعد أن يطلب الخليل عليه السلام من الله الشفاعةِ لأبيه؛ ولكي ينزع الله الشفقة من إبراهيم عليه السلام لأبيه، ويمسخُ أباه إلى ذيخٍ متلطخ، ويتبين ذلك من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يلقى إبراهيمُ أباه آزرَ يومَ القيامةِ، وعلى وجهِ آزرَ قَتَرَةٌ وغبَرَةٌ، فيقولُ له إبراهيمُ: ألم أقلْ لك لا تعصِني؟ فيقولُ أبوه: فاليومَ لا أَعصيك، فيقولُ إبراهيمُ: يا ربِّ، إنك وعدْتَني أن لا تُخزيَني يومَ يُبعثون، وأيُّ خزيٍ أخزى من أبي الأبعدِ ؟ فيقولُ اللهُ : إني حرَّمتُ الجنةَ على الكافرينَ، فيقال: يا إبراهيمُ، انظُر ما بين رجلَيك، فينظر فإذا هو بذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فيؤخذُ بقوائمِه، فيُلْقَى في النَّار” صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء.
إنّ هذا الحديث يدلُ على حال أبي إبراهيم عليه السلام يوم القيامة في العرض على الله تعالى، والحالُ التي وصفَ بها أبوه علو القترةِ والغبرة على وجه أبيه، وتذكير إبراهيم عليه السلام لهُ بمعصيتهِ زكفرهِ في الدنيا، فيعترفُ والدهُ بأنه كان على خطأ فيُريد أن يرجع عن معصيتهِ وكفره، فمن هنا تمتلكُ الشفقةُ قلب الخليل عليه السلام، فيطلب من الله تعالى الشفاعة له، فيُظهرُ الله أن الشفاعة لا تحق له، وهنا يمسخُ على هيئة تنفرُ منها النفوس، فيلتفتُ إبراهيم عليه السلام فيجدهُ على الصورة التي ذكرت في الحديث، ثم يراهُ يؤخذ إلى النار، وهذا حال من أحوال ما يحصل مع الكفار يوم القيامةِ.


شارك المقالة: