أنواع الشجاج من حيث تقدير الدية:
إن من رحمة الله بعباده واسعةً وهي بأن شرع لهم الحدود، حتى لا يتساهل الإنسان بدم أخيه، فلم يهمل حتى الشجة، وجعل منها ما قدّر ديتها ومنها ما جعل فيها حكومة، أي: يحكم القاضي فيها وبِقدرها بحيث لا تزيد على المقدر شرعاً، والشجاج يختصُ بما يكون في الرأس والوجه، بينما الكسر يختصُ بما يكون في العظام.
تنقسم الشجاج باعتبار تقدير ديتها إلى نوعين:
الأول: الشجاج التي لم ينص الشارع على ديتها، وهي ستة أنواع:
الحارصة – الدّامية – الدامعة – الباضعة – المتلاحمة – السمحاق. قال الإمام الشافعي رحمه الله: ولم أعلم رسول الله عليه الصلاة والسلام قضى فيما دون الموضحة من الشجاج بشيء وأكثر، وهو قول من لقيت أنه ليس فيما دون الموضحة أرشٍ معلوم، وإن في جميع ما دونها حكومة.
قال الزيلعي من الحنفية: وفي الحارصة والدامعةُ والدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق حكومة عدلٍ؛ لأن هذه ليس فيها أرشٌ مقدر من جهة الشرع، ولا يمكن إهدارها فتجب فيها حكومة عدل. وقال العدوي من المالكية: ليس فيما دون الموضحة أي من الجراحات، إلا الاجتهاد. وقال ابن مفلح من الحنابلة بعد ذكره لهذه الأقسام: فهذه خمس فيها حكومة؛ لأن الدامية والدامعة من الشجاج بمعنى واحد عندهم، ويسمونها البازلة أيضاً.
الثاني: الشجاج التي نص الشارع على ديتها وهي خمس أنواع:
الموضحة – الهاشمةِ – المُنقلة – المأمومة – الدامغة.
فالموضحةِ والمُنقلةِ والمأمومةِ: نص على مقدار ديتها الحديث الذي يرويه أبو بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي عليه الصلاة والسلام: ” أنه كتب إلى أهل اليمن بكتابٌ فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث مع عمرو بن حزم فقرأت على أهل اليمن وهذه نسختها بسم الله الرحمن الرحيم ” من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال ونعيم بن كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان، أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغانم خمس الله وما كتب الله على المؤمنين إلى الرسول عليه الصلاة والسلام “وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصفُ الدية وفي المأمومة ثُلث الدية وفي الجائفة ثُلث الدية وفي المُنقلة خمس عشرةَ من الإبل وفي كل إصبعٍ من الأصابع من اليد والرجل عشر من الإبل وفي السُنن خمس من الإبل وفي الموضحة خمسٌ من الإبل”.
أما الهامشةُ: فلم ينقل عن النبي عليه الصلاة والسلام فيها شيء، ولكن أكثر العلماء يعتبرونها مقدرة الدية لاجتهادِ زيد بن ثابت رضي الله عنه أن فيها عشراً من الإبل، وإلى ذلك ذهب سفيان الثوري، والحنفية والشافعية والحنابلة.
أما الدامغة: فقد اعتبرها أغلب الفقهاء مساويةً للمأمومة في مقدار الدية. فقال النفراوي من المالكية:”وأما ما وصل إليه أي إلى الدماغ ولم يخرق خريطته أي جلدتهُ فهي المأمومة وفيها ثُلث الدّية، ومثل المأمومة والجائفة الدامغة وهي التي تخرق خريطة الدماغ. قال الرملي من الشافعية: في المأمومة ثُلث الدية لخبرٍ صحيح وتُشبهها الدامغة”.