ما هي أهم شروط صحة الزكاة؟

اقرأ في هذا المقال


شروط صحة الزكاة:

إنّ من شروط صحة الزكاة: النية والمتابعة.

1- النية: فلا يُجزئ إخراج الزكاة إلّا بنية، والنيةُ تُقسم لنيتين وهي:

نية المعمول له وهو الله تعالى، وهي نية الإخلاص لله تعالى، بحيث يقصدُ بذلك وجه الله تعالى فقال تعالى: “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ” البينة:5. ومن السنة قال النبي عليه الصلاة والسلام: “إنّما الأعمال بالنيات وإنما لكلِ امرئٍ ما نوى” متفق عليه.

وهناك نية العمل: وهي التي تتميز العبادات عن بعضها البعض، ومن العبادات العظيمة أداء الزكاة، فتجب النية في أداء الزكاة؛ وذلك لحديث “إنّما الأعمال بالنيات” وذلك لأنّ الزكاة هي عمل، وتعتبر عبادةً تتنوع إلى فرض ونفلٍ فافترقت إلى النية مثل الصلاة. أمّا النية في أداء الزكاة، وهي أن يعتقد أنّها زكاته أو زكاة من يخرج عنه، مثل الصبي والمجنون ومحلها القلب؛ لأنّ محل العبادات كلها خارجة من القلب. وقال محمد صالح العثيمين: إنّ النية في إخراج الزكاة، جاءت على أربعة أقسام وهي:

الأول: وهي أن تكون الزكاة شرطاً من المالك فقط؛ ويكونُ ذلك فيما وزعها مالكُها المُكلف بنفسه.

الثاني: وهي أن الزكاة شرط من غير المزكي فقط؛ وهذا فيما إذا كان المالكُ غير مكلف، فينوي إخراج الزكاة وليه من ماله.

الثالث: وهي أن تكون الزكاةُ إجباراً من المالك ومن غير المالك، وهذا فيما وُكل في إخراجها وبعد فترة من الزمن فتشترط من الوكيل عند دفعها للفقير.

الرابع: وهو عدم اشتراط النية أصلاً وذلك في ثلاثة أمور وهي: إذا تعذّر الوصول إلى المالك بحبسٍ أو غيره فأخذها الإمام أو الساعي، وتُجزئ ظاهراً وباطناً. والثانية: إذا امتنع المالك من أدائها فأخذها الإمام أو الساعي قهراً، فتجزئُ ظاهراً لا باطناً. والثالثة: إذا غيّب ماله فأخذها الإمام أو الساعي بعد العثور عليه وتُجزئ ظاهراً لا باطناً.

2- المتابعة: ويكون ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام؛ وذلك لأنّ العبادات توقيفية؛ وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد” متفق عليه.

تتوجب الزكاة في مال الصغير والمجنون، فلا يُشترط البلوغ والعقل في وجوب الزكاة على الصحيح، فإذا تمت الشروط لوجوب الزكاة: منها أن يكون مسلم وأن يكون حراً وأن يكون مالك للنصاب واستقراره، وإمضاء الحول، فقد وجبت الزكاة في المال، ومنه مالُ الصبيّ والمجنون؛ وذلك لأن البلوغ والعقل ليسا من شروط وجوب الزكاة، فلا يُشترط البلوغ ولا العقل وذلك لعموم الأدلة في وجوب الزكاة في قول الله تعالى: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا” التوبة:103. وقوله عليه الصلاة والسلام: “فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم” متفق عليه.

وقد ذكر أنّ من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أنّهم كانوا يُزكون مال اليتيم، ومنهم: عمر بن الخطاب رضي الله، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وجابر وعائشة رضي الله عنها. والصوابُ هنا هو وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون يخرجها  الوكيل، وينوي بها الزكاة عنهم من أموالهم. وأما صدقة التطوع فلا يجوز التصدق من مال اليتيم والمجنون؛ لأنّ الصدقة هي محضُ تبرع لا تنشغل الذمة بتركها، أمّا الزكاة فهي فريضة تنشغل الذمة بتركها.

لقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى من ناحية وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون  على عدّة أقوال منها: القول الأول: أنّ الزكاة تجب على مال الصبي والمجنون، وبه قال أحمد والإمام مالك والشافعي. أمّا القول الثاني، وهو أنّ الزكاة تجب، ولكنّها لا تخرج حتى يبلغ الصبي ويفيق المجنون، فيُحصى ما يجب على اليتيم من الزكاة، فإذا بلغ أعلم فإن شاء زكّى وإن شاء لم يزِك، وبهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. أمّا القول الثالث: أنّه لا تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون، وبه قال الحسن، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير.

هناك أيضاً ما يُسمّى المال المستفاد بغيرِ ربح التجارة أو نتاج السائمة لا يضم إلى ما عند المالك من المال، وإنّما يكون له حولاً جديداً يبدأ من وقت ما ملكه، مثال ذلك: هو المالُ الحاصل بالإرث والهِبة والهدية وصداق المرأة، ونحو ذلك، وإذا كان عنده مال لم يبلغ نصاباً فاستفاد مالاً جديداً من جنسه كمل به النصاب؛ فإنّ الحول يبدأ في وقت اكتمال النِصاب، ومن ذلك إذا مات المالك في أثناء الحول وانتقل المال إلى الورثة، فإن الوارث لا يبني على حول المالك الذي مات، بل يستأنف حولاً جديداً يبدأ به من وقت انتقال المُلك إليه؛ وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من استفاد مالاً فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول” رواه الترمذي.

وهناك أيضاً مسألة جواز تقديم الزكاة إذا وُجد سبب وجوبها وهو النصاب الكامل؛ وذلك لحديث علي رضي الله عنه: أنّ العباس سأل النبي عليه الصلاة والسلام في تعجيل صدقته قبل أن تحلّ، فرخص له في ذلك، فأذن له في ذلك. ولفظ أبي عبيد في الأموال عن علي رضي الله عنه: “أنّ النبي عليه الصلاة والسلام تعجّل من العباس صدقته سنتين” حسنه الألباني. فجاز؛ وذلك لأنّه  تعجيل لمالٍ وجد سبب وجوبه، كتعجيل قضاء الدين قبل حلول أجلهِ. وأداء كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث، وكفارة القتل بعد الجرح قبل الزهوق.

ولا يصحُ أن تُعجل الزكاة قبل ملك النصاب، وإنّ تلف النصاب الذي عجل زكاته وقعت نفلاً، فإنّ حال الحول، وقد زاد النصاب نصاباً آخر بالتوالد، فقد لزمه زكاة النصاب الثاني، وإنّ كان قدم الزكاة سنتين فحال الحول الثاني وقد زاد المالُ نصاباً أو أكثر وحال على هذه الزيادة حول فإن عليه زكاةُ المال الزائد، الذي حال عليه الحول بحسب قول الترمذي رحمه الله: “أنّه اختلف أهل العلم في تعجيل الزكاة قبل محلها، فرأى طائفة من أهل العلم أن لا يعجلها”.

وهناك ما يتعلق بعروض التجارة، وهي أنّ كلّ شيء ليس لعروض التجارة لا زكاة فيه، مثل العمارات التي أعدت للسكن، والعقارات التي ليست للبيع، والسيارات الخاصة، والمكائن، وكل ما يستعمله الإنسان ولا ينوي به التجارة كحاجته الأصلية: كالثياب وغيرها، ما عدا الذهب والفضة؛ وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “ليس على المسلم في فرسه وغلامه صدقة” متفق عليه وفي لفظ: “ليس على المسلم صدقة في عبده ولا في فرسه.


شارك المقالة: