الآيات التي وردت فيها الصلوات المفروضة:
الصلوات المفروضة: وهي عبارة عن الصلوات التي فُرضت على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ قادرٍ بأن يلتزم بمواعيدها، بحيثُ أنه يُثاب فاعلها ويُعاقبُ تاركها، وقدرة بخمسِ فروضٍ وهي: صلاةُ الفجر، والتي يكون وقتها من آذان الفجر الثاني حتى طلوع الشمس، وعددها ركعتانِ، وصلاةُ الظهر، وعددها أربعُ ركعات، وصلاة العصر، وعددها أيضاً أربعُ ركعات، وصلاة المغرب وعددها ثلاثُ ركعات، وصلاة العِشاءِ وعددها أربع ركعات.
– قال تعالى: “وأقِمِ الصّلاةَ طَرَفيّ النَهار وزُلفَى منَ الَلّيلِ” هود 114. أيّ أن الصلاة تُقام في أول النهار وآخِره مقدارُ طرفيه وتأخذُ أخرى جزءاً من الليل وهذه الآية واضحةً تمام الوضوحِ ومبينة للأوقاتِ التي تُقام فيها الصلاة على أنها ثلاث أوقات، وقد نزلت هذه الآية بعد تخفيفِ القيام.
– وهناك آيةٌ يقول الله تعالى فيها: “وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ” طه:130. وهذه الآية تعطي تفصيلاً آخر لهذه الصلاة، إنها تبين حدود أطراف النهار الذي ذكرته الآية السابقة، بحيث ينتهي الطرف الأول من النهار قبل طلوع الشمس ويبدأ الطرف الثاني منه قبل غروبها، وهذه الآية أيضا جاءت بعد تخفيف القيام.
– وجاءت آيةً أخرى تبين كل الحُدود للصلاة، فقال الله: “أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا” الإسراء:78. فدلالة الآية الكريمة أنها توضح كُل الوضوح بأن الصلاةَ تبدأ من دُلوك الشمس أي قبل غروبها بقليل وتنتهي إلى غسقِ الليل أي حينما تشتدُ ظلمة الليل، “وقرآن الفجر” أي وأقم الصلاة وقت الفجر وتأخذ كل هذا الوقت حتى طلوع الشمس، فأوقات الصلاة المفروضة في هذه الآية تتناسق جملة وتفصيلا مع الأوقات المفروضة في الآيتين السابقتين وما يأتي بعدها.
– وهناك آيةٌ أخرى نزلت في سورة “ق” يذكرُ الله فيها الصلاة المفروضة؛ بأنها تكون في هذه الأوقاتِ وهي قال تعالى: “وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ- وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ” ق:39-40.
– وهناك آية نزلت بعد الإسراء وفي المدينة حيث أنها وقعت هناك غزوة الأحزاب التي ذكرها الله في كتابه فالآية التي نزلت في هذه السورة يبين الله فيها أن الصلاة الأولى تكون في الصباح بكرة، والثانية والثالثة تكون عشية عند الأصيل، فيقول الله تعالى: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا- وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا” الأحزاب:40-41. وهذه نفس الأوقات التي ذكرت من قبلُ، فالآيات الكريمة تتناسق مع ما نزل من قبل.
– أيضاً هناك آيةٌ تؤكد على هذه الأوقات، والتي يقول الله تعالى فيها: “فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ” غافر:55. وهي الصلاة التي كان يُصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– وكذلك صلّى الأنبياء من قبل هذه الصلاة، ولنتناول مثال على ما ذكرهُ الله تعالى في كتابه عن نبي الله داوود كان يُصلّي هذه الصلاةُ بالذاتِ، فقال تعالى عنه: “وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ – إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ” ص:17-18. وهذا يدلُ على أن النبي داود كان يُصلي جميع الفروض بانتظام، في الصباح الباكر وهو وقتُ الإشراق وكان يُصلي بالعشي، وهذه هي الأوقات التي فرضها الله تعالى علينا، فالصلاة لم تتغير.
– وهناك نبي الله زكريا، فقد كان يُصلي أيضاً هذه الصلاة نفسها، ولذلك أمرهُ اللهُ تعالى قائلاً: “قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ۗ وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ” آل عمران:41. فالله تعالى أمرهُ بالصلاة أمر زكريا قومه دون أن يزيد فيها او ينقص منها، فقال الله تعالى: “فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا” مريم:11. فالأنبياءُ لا يغيرون ولا ينقصون ولا يزيدون في دين الله، فالصلاة من الشرائع التي وصى الله بها جميع الأنبياء، ولا تكون إلا في هذه الأوقات، ولم ينزل في القرآن غير هذه الصلاة، وما نراه من الصلاة اليوم ما هو إلا من صنع الناس عبر تطاول الزمان.
– والنبي عليه الصلاة والسلام كما تسمونهم كانوا يُصلّون هذه الصلاةِ أيضاً، فقال الله تعالى عنهم: “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ” أي اصبر مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، أي الذين يُصلون في الأوقات المحددة، فقوله تعالى يدعون ربهم أي يعبدونه؛ لأن الله تعالى هو كلمة الدعاء في القرآن تطلق على السؤال وتطلق على العبادة فالدعاء هنا مرتبط بوقت الصلاة فيعني العبادة، أضف إلى ذلك أنه قال يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه فالعبادة أي الصلاة هي التي يريدون بها وجه الله أما الدعاء الذي يقصد به السؤال فالمراد به مصلحة الناس.
والآيات التي يُطلق الدعاء بها على العبادةفهي كثيرة، ونذكر منها قوله تعالى: “وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا” الجن: 81. أي إن المساجد لله وحده فلا تعبدوا فيها أحدا مع الله فكلمة تدعوا تعني تعبدوا، ولما قام عبد الله يدعوه يعني لما قام النبي يعبد الله أي يصلي، فهذه هي صلاة النبي عليه الصلاة والسلام والذين أمره الله بالصبر معهم، فاتقوا الله يا أولي الألباب.