ما هي بشارة الملائكة لزكريا عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


بشارة الملائكة لزكريا عليه السلام:

قال الله تعالى: “فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ” آل عمران:39. هل صنعت الملائكة جوقةً لتنادي زكريا عليه السلام؟ لا؛ لأنّ جبريل عليه السلام هو الذي ناداهُ، ولماذا جاء قول الحق سبحانه وتعالى على هذا النحو؟ الجواب هو: لنفطن إلى أن الصوت لهُ جهةٌ يأتي منها، والصوت هذا قادمٌ من الملأ الأعلى لا يعرفُ الإنسان من أين يأتيهِ؛ وكأنهُ يأتي من جميع الجهات.

مناداة الملائكة على زكريا عليه السلام:

فقال تعالى: “”فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ“. وهذا يعني أن الصوت قد جاء لزكريا عليه السلام من جميع الجهات: “وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ” آل عمران:39. لقد نادته الملائكة في حال صلاته لله؛ أو هو حينما دعا أخذ ما علّمهُ الله الأنبياءُ إذا حزّبهم أمرٌ قاموا إلى الصلاة، وعلى كلّ واحدٍ منّا عندما يصعب عليه شيء وتتأزم الأمور وتمتنع الأسباب، أن يقوم فيتوضأ ويقف بين يدي الله ويسأله من فضله ورحمته، ويطلب منه سبحانه أن ييسر له أمره ويعينه على قضاء حاجتهِ.
ومعنى حزبه أمر أي أنّ أسبابه ضاقت، لذلك يذهب إلى الصلاة بخشوعٍ إلى الله خالق الأسباب، إنها ذهاب إلى المُسبب، وبدلاً من أن تتشعّب نفسك وتتحيّز، اذهب إلى الله من أقصر الطرق وهو الصلاة، لماذا تتعب نفسك وتتحيز، إذهب إلى الله من أقصر الطرق وهو الصلاة، لماذا تتعب نفسك ولك ربٌ حكيم؟ إنّ من له أب لا يحمل همّاً والذي له أليس أولى بالاطمئنان؟ إنّ زكريا عليه السلام قد دعا الله في حاجةٍ له، دعاءً الواثقِ من ربه فما كان إلا أن نادتهُ الملائكةُ وهو يُصلي إنها لم تنتظر إلى أن ينتهي من الصلاة؛ لأنه لا بدّ لها من الإسراع في إبلاغ أمر الله تعالى، فلا تأخير ولا انتظار، دعا الله فاستجاب له ونادتهُ الملائكةُ وهو واقفٌ بين يدي ربه يُناجيه: “إنّ الله يُبشرُك” والبشارةُ هي إخبار بخبرٍ زمنهُ لم يأتِ.
وقوله تعالى: “إنّ الله يُبشرك بيحيى” لقد قال الله لهُ: سأعطيك وزيادةً على العطاء سماهُ الله يحيى وفوق كلّ ذلك: “مُصدقِاً بكلمةٍ مِنَ اللهِ”، ولننظر إلى دقة البلاغِ في قوله تعالى: “بيحيى مُصدقاً” وهذا دليل على أنهُ سيعيشُ بمنهج الله، ودليل على أنه سيعمل الطاعات وهو مصدقٌ، وهو سيأتي بكلمةٍ من الله، أو هو يأتي ليصدق بكلمة من الله فهو عليه السلام أول من آمن برسالةِ عيسى عليه السلام. وقد وصفهُ سبحانه وتعالى بقوله: “وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ” أي أنه ممنوعاً من كل ما حرم عليه، وهو نبي أي قدوةً في الإتباع.

تبشير زكريا عليه السلام بيحيى:

لما دعا زكريا عليه السلام، وتلقي البشارة بيحيى عليه السلام من الله عندئذ قال زكريا ببشريتهِ: “قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ” آل عمران:40. إنّ زكريا عليه السلام وهو الطالبُ من ربه فقد تعجّب من سرعةِ الاستجابةِ، فيتساءلُ؛ كيف يكون ذلك.
يقول زكريا عليه السلام: “ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا” إنّ بلوغ الكِبر ليس نصّاً على أنه غير قادر على إخصاب امرأةٍ، وذلك أن الإخصاب بالنسبةِ للرجل ليس أمراً يتحكمُ فيه تقدم العمر، إذا لم يكن عاقراً، ولكن المرأة هي الطرف المهلك في ذلك، فإن كانت عاقراً فذلك يكون قمة العجز في الأسباب، ولو أنّ زكريا قال فقط: وامرأتي عاقر، لكان أمراً غير مستحب بالنسبة لزوجتهِ؛ ولذلك أوردها من أولها: “وَقَدْ بَلَغَنِىَ ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِى عَاقِرٌ” ۖ، إن دقة القول في كلمةِ “بلغني الكِبر” أي إنهُ لم يقل: بلغتُ الكِبر، فيقول بأن الكِبر هو الذي جاءني، ولم أجيء أنا إلى الكبر؛ وذلك لأن بلوغ الشيء يعني أن هناك إحساسٌ ورغبة بأن تذهب إليه.
وقال زكريا عليه السلام “وامرأتي عاقراً” وذلك يكون بتعميمٍ لطلاقة القدرة عند من يستمع القصة، فقد أوردَ كل القلوب البشريةِ، وبعد ذلك يأتي القول في قول الله تعالى: “قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ” يوجد هنا طلاقة القدرة في فوق الأسباب؛ لأنها قدرةُ خالقُ الأسباب الذي لا يعجزُ عنه شيء.


شارك المقالة: