حدّ الزنا:
حدّ الزنا: هو ارتكاب الوطء الغير مشروع من شخص متزوج مع امرأة برضاها في حال قيام الزوجيّة فعلاً كان أو حكماً، وهو تشويه لفراش الزوجية وانتهاك حرمته، ويكون ذلك بإتمام الوطء. كما أن إقامة الحدّ تَعني معاقبة الزاني على فعلته وإقامة الحدّ الشرعي عليه، والحدّ في الإسلام على الزاني هو الرجمُ حتى الموت.
خصائص حد الزنا:
ذكر ابن القيم رحمه الله، أن الله تعالى خصّ حد الزنا من بين الحدود بثلاث خصائص وهي على ما يأتي:
1. تغليضُ العقوبة : قال ابن القيم في بيان ذلك أن القتل الذي يكون فيه بأشنع القتلات، وحيث خففه وجمعَ فيه بين العقوبة على الجسم بالجلد، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة. وهذه الخصيصة قد تضافرت النصوص على بيانها فالقتل عقاب مشترك بين عدد من الجرائم مثل البغاة، والمحاربين، والقتل المتعمد.
2. النصّ على نهي العباد على أن لا تأخذهم رأفة بالزناة: قال رحمه الله في بيانها أنه نهى عباده أن تأخذهم الرأفة في دينه بحيث تمنعهم من إقامة الحد عليهم، فإنه سبحانه من رأفته ورحمته بعبده شرع هذه العقوبة فهو أرحم بالعبد ولم تمنعه رحمته من أمره بهذه العقوبة فلا يمنعكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من إقامة أمره.
حكمة التشريع في هذه الخاصية:
لقد بين ابن القيم رحمه الله أن النهي للعباد عن أن تأخذهم رأفة بالمجرمين عام في حق كل مجرم أو بغيره لكنه ذكر بحد الزنا خاصة لأسرار تشريعية حذر عنها إن كان عاماً في سائر الحدود، لكن ذكر في حد الزنا خاصة لشدة الحاجة إلى ذكره، فإن الناس لا يجدون في قلوبهم من الغلظة والقسوة على الزاني ما يجدونه على السارق والقاذف وشارب الخمر فقلوبهم ترحم الزاني أكثر ممّا ترحم غيره من أرباب الجرائم والواقع فُنهي أن تأخذهم هذه الرأفة وتحملهم على تعطيل حد الله.
سبب هذه الرحمة:
إن سبب هذه الرحمة، هي أن الذنب دائماً يقع من الأشراف، الأرذال، وأكثر أسباب هذه الفاحشة هي العشق والقلوب، وهي التي تُبنى على رحمة العاشق، وكثير من الناس يعد مساعدته، طاعة وقربة، حتى وإن كانت الصورة المعشوقة محرمة عليه، ولا يستنكر هذا الأمر؛ لأنه مستقر عند ما شاء الله من أشباه الأنعام، وهم الأشخاص الذين تنقصهم العقول، كالخدم والنساء. وإن هذا الذنب غالب ما يقع مع التراضي من الجانبين ولا يقع فيه العدوان والظلم والاغتصاب وما تنفر النفوس منه.
وفي النفوس شهوةً غالبة له، فيصوّر ذلك لها فتقوم بها رحمة تمنع اقامة الحد، وهذا كله ضعف الإيمان، وكمال الإيمان أن تقوم به قوّة يقيم بها أمر الله ورحمة يرحم بها المحدود في حق المحدودين في هذه الفاحشة.
3. أما الخاصية الثالثة: وهي أن الله أمر بأن يكون هناك طائفة من المؤمنين تشهدُ على عقاب الزاني؛ وذلك من أجل الردع والزجر والعبرة.
وهذه الخاصية فقد نبّه الله تعالى عليها في محكم كتابه العزيز إذ يقول “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ“
النور آية:2.