ما هي قصة النبي موسى عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


قصة النبي موسى عليه السلام:

قال الله تعالى في كتابه العزيز: “نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” القصص:3. فقد اختصت هذه الصورة بموسى عليه السلام وفرعون، ولم تُعرض لأحدٍ غيرهما إلا قارون، مع أن السور الأخرى جاءت فيها مواكب أنبياء وذلك لأن هذه القضية تعرضت لمألة القمة، والقمة هي ادعاء الألوهية، فجعلها الله سورةً وسماها سورة القصص، وقال فيها الحق سبحانه وتعالى: “نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ” لم يقل: نتلو عليك من خبر موسى أو من أمر موسى ولكن قال: “مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ” لأن النبأ هو أمرٌ مهم، وهل هناك أهم من أن يأتي موسى ليرد واحداً عن ادعاء الألوهية، فهي مسألةً مهمةً حقاً، قال الله فيها سنتلوا عليك بالحق، وسماه الله القصص، لماذا؟ لأن القصص من قصّ الأثر، فقد كان العرب قديماً يتتبعون آثار الأقدام، فإذا حدث شيء وأرادوا أن يبحثوا عن الفاعل، يسيرون وراء أثر القدم، ويعرفون إلى أين ذهب، وكذلك يعرفون إن كانت هذه القدم قدم طفل أو شاب أو امرأة.
فمعنى قوله تعالى: “نحنُ نقصً يوسف:3. نقول شيئاً هي الواقعةُ بالفعل، والبشر أخذوا القصص وأدخلوا فيه الخيال والحبكة والرواية والعقدة والبطل وهذا ليس قصصاً؛ لأن القصص هو الشيء الحقيقي. ولذلك يُسميه الله أحسن القصص؛ لأنه مطابق للواقع، فهي إذن أحسن القصص، هو في قوله تعالى: “إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ“. فقد استعلى فرعون على رعيته وعلى من هم فوق الرعية من وزراء ومسئولين ليس هذا فقط، بل إنه علا حتى على ربه والعياذ بالله وأراد أن يكون إلهاً، فانظر كيف وصل به طغيانه إلى هذا الحدّ، وما دامت عنده هذه الصفات وهو بشر وله هوى، فيستخدمها في إذلال رعيتهِ فهو لم يستعمل في الأرض فقط، بل إنه جعل أهلها شيعاً مع أن المفروض في شرع الله أن الرعية كلها سواء، فلا تستأثر طبقة بحظوةٍ عن طبقةٍ أخرى، ولكن فرعون جعلهم شيعاً وسلط بعضهم على بعض.

حال مصر في زمن موسى عليه السلام:

إنّ مصر في ذلك العصر كانت مسكونةً بالقبط، وبعد ذلك في أيام يوسف عليه السلام دخلها بنو إسرائيل، وسكنوا فيها وتناسلوا وكان المفروض أنهم يذوبون في المجتمع القبطي. والناس يفهمون أن كلمة قبطى معناها نصراني، وهذا خطأ؛ لأن القبطى معناه المصري القدي، لكن لما احتل الرومان مصر كانوا على دين المسيحيةِ فدخل هذا الخطأ عند كثير من الناس، ولكن ما هو السبب في أن فرعون جعل طائفة تستعبد طائفةً أخرى؟ قالوا: لأن بني إسرائيل كانوا في خدمة الرعاة الذين أزاحوا حكم الفراعنة، وتولى المُلك ملوك الرعاة، فالذي كان يخدم هؤلاء الملوك عن بني إسرائيل، وكان من عادة الحكام أنه حينما يتولى حاكم ينظر إلى أنصار من كان قبله ويضطهدهم، فلما انقرض ملوك الرعاة بدأ اضطهاد فرعون لبني إسرائيل، لماذا حدث هذا ؛ لأن بني إسرائيل كانوا يخدمون ملوك الرعاة.
فنجد هنا إعجاز القرآن الكريم أنه حينما تكلم عن ملوك مصر في القديم والحديثُ فقد أسماهم فراعين؛ لأن هناك الآية التي نقرأ فيها قوله تعالى: “وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ” وهنا في قصة موسى عليه السلام، قال هن حاكم مصر: فرعون، لكن في قصة يوسف عليه السلام لم يأتِ ذكرٌ للفراعنة، ولكن ذُكر لقب الملك، وهذا من إعجازات القرآن؛ لأنه في أيام يوسف عليه السلام كان الذي يحكم مصر هم ملوك الرعاة، لكن قبلها وبعدها كان الحكامُ فراعنةً فمن الذي أخبر محمداً عليه الصلاة والسلام بذلك؟ إنه الله الذي علمه ما لم يكن يعلم، وأخبرهُ بما لم يكن يدري.
إنّ فرعون كان يستضعفُ طائفة من رعيتهِ وهم بنوا إسرائيل؛ لتعاونهم مع ملوك الرعاة الذي غزوا مصر، وتفصيل هذا الاستضعاف يمثل في ذبحِ أبنائها واستحياءِ نسائهم، وهو بهذا العمل وغيره كان من المفسدين، والإفسادُ أن تأتي إلى شيءٍ صالح في ذاته فتفسدهُ، فكونَ فرعونَ يقتلُ الذكور من أطفال بني إسرائيل ويستحيي النساء فهذا فسادٌ كبير؛ لأن هناك شيئاً اسمهُ استبقاء الحياة، وآخر اسمهُ استباق النوع، فهو حين يقوم بهذا العمل يهدد بقاء النوع، فهو يقتل الأولاد وذلك خشيةَ أنّ ينالهم منهم شر، لكن النساء يستبقيهنّ للخدمة والإذلال؛ لأنهنّ ليست لهن شوكةً، ولا خطر منهنّ على ملكه.


شارك المقالة: