ما هي قصة سعد بن معاذ؟

اقرأ في هذا المقال


قصة سعد بن معاذ:

رجل عظيم اهتزّ له عرش الرحمن وسمى صدّيق الأنصار؛ وذلك من عِظم إيمانه وقوة دينه ومن شجاعته في دين الله تعالى إنه سعد بن معاذ رضي الله عنه وأرضاه.

أول ما جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة وكان مُقدمًا في قومه، استقبل النبي أحسن استقبال في المدينة المنورة وهيء له مكان مريح، وفي أول معركة في بدر ذهب النبي مع الصحابة وكان قومه المهاجرين وسار النبي إلى المعركة وفيهم المهاجرين والأنصار، فقال النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة: ما رأيكم هل نقاتلهم أم لا، فصار كل واحد من الصحابة يبدي برأيه للنبي ويشجعه على القتال، فقال سعد بن معاذ: فكأنك تريدنا يا رسول الله وأن تسمع رأينا، قال له: نعم، فردّ سعد بن معاذ، قال يا رسول الله: لقد جئتنا وصدقناك، فوالله لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معاك ولا يتخلف منّا رجل واحد. فقال تعالى: “مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” الأحزاب:23.

لقد قال سعد بن معاذ: يا رسول الله إنّا لصبرٌ في الحرب وصُدقٌ عند اللقاء، يعني إذا رأيتنا في المعركة رح تعرفنا بجد، وبعدها خاضوا المعركة وقاتل سعد مع قومه قتالًا عظيمًا شديدًا. وكان سعد بن معاذ في المدينة يتنقل عِلمًا برسول الله وينهل من الإيمان وكان يأمل أن يصل حبه في قلب النبي عليه الصلاة والسلام، فكيف لا وقد وصل إلى ربه عزّ وجل، فإنه سعد بن معاذ في الحرب وفي القتال، فقد قاتل مع النبي عليه الصلاة والسلام في معركة أحد قتالًا شرسًا هو وقومه الأنصار فقد ضربوا الأنصار أروع الأمثلة في أُحد، فقد تأنى أنس بن النضر وغيره من الصحابة واستشهدوا في معركة أحد وقاتلوا أيضًا قتالًا عظيمًا ومنهم كان أيضًا سعد بن معاذ فقاتل في أحد قتالًا عظيمًا.

أحداث غزوة الأحزاب التي شارك فيها سعد بن معاذ:

وبعد ذلك دخلت معركة السنة الرابعة وبعدها السنة الخامسة وسميت بغزوة الأحزاب التي تجمع فيها المشركون كلهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل قتله، فقد كان في معركة الأحزاب نوع من الخوف لأن مشركون الأمم جميعها فقد تجمعوا ليقتلوا النبي عليه الصلاة والسلام. والمشكلة الثانية أن المنافقون لما تجمع المشركون حول المدينة انسحبوا، فتزعزع الجيش ودخل الرعب وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون. أما المشكلة الثالثة وهي ثالثة الأثافي وهي أن اليهود نقضوا العهد، فقال تعالى: “إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا – هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا” الأحزاب:10-11.

بدأت المعركة وتجمع المشركون وسعد بن معاذ كان متألمًا؛ لأن اليهود كانوا أحلاف الأنصار وكانوا يعيشون معهم في المدينة والمصيبة أنهم غدروا  فيهم، فتضايق سعد بن معاذ حتى أنه أصيب بسهم في المعركة في رجله وأخذ الدم ينزف منها، فقال سعد بن معاذ: “اللهم لا تُمتني حتى تُريني في اليهود عاقبتهم”؛ لأنهم نقضوا العهد وصارت كآبة على المؤمنين حتى أن بعضهم لم يستطع أن يقضي حاجته والجوع والعطش والخوف حتى بلغت القلوب الحناجر، والرسول عليه الصلاة والسلام يعدهم بالعذاب حتى أرسل الله تعالى عليهم ريحًا أكفئت قدورهم وقلبت الحرب على المشركين، وإذ بالرعب يدخل إلى قلوبهم، وإذ بأبي سفيان قبل إسلامه يقول للمشركين: إنني راجع وعائدٌ فمن أراد أن يعود معي فليعد معي، فنكفأ المشركون وتراجعوا وهربوا من المعركة.

عودة النبي عليه الصلاة والسلام إلى بني قريظة:

لقد عاد النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيت أم سلمة لكي ينزع سلاحه، فأتى إليه جبريل عليه السلام وسأله ماذا تفعل، قال: أنزع سلاحي، فقال له جبريل: لا فإننا لم نضع أسلحتنا بعد ولم تنته المعركة بعد، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: كيف، فأجابه جبريل: اذهب إلى بني قريظة وأكمل المعركة، فالقوم الذين نقضوا العهد اذهب إليهم، فخرج النبي على الصحابة وقال لهم: فلا يصلي أحدكم العصر إلّا في بني قريظة؛ لأن المعركة لم تنتهي، فالصحابة متعبون ولكن مجاهدون وكان سعد بن معاذ لا زال جرحه ينزف فقد كان يشرف على الموت فوصله الخبر بأنهم سيذهبون إلى بني قريظة، وبعضهم صلّى على الطريق وبعضهم صلّى في المعركة.

ولما وصلوا إلى بني قريظة وصل أبو لبابة وصل قبلهم فسأله اليهود لماذا جئت إلينا، فأجابهم أنا سأقتلكم على ما فعلتموه، فخاف أبو لبابة أنه خان الله ورسوله ذهب للمسجد وربط نفسه في الساري، وصار يبكي ووصل الرسول إلى يريد أن يقتلهم وصاروا يبكون ويتوسلون كعادتهم، فسألهم الرسول ماذا تريدون من تريدون أن يحكم بكم، فقالوا: لا يحكم فينا سوى سعد بن معاذ؛ لأنه كان حليفنا قبل الإسلام فمن المتأكد أنهم سيرحمنا.

فقال لهم أترضون سعد بن معاذ حكمًا، قالوا: نعم، فقال لهم الرسول آتوني بسعد بن معاذ، فحُمل على دابة؛ لأنه جريح وجاءوا به لرسول الله عليه الصلاة والسلام والصحابة جالسين فقال الرسول لهم: قوموا على سيدكم وأنزلوه، فأنزله الصحابة وأجلسوه وجرحه ينزف، فقالوا لسعد: إن اليهود ينتظرون حكمك فيهم، فنظر سعد إلى الصحابة وخاطب بعضهم وقال لهم: ءأنتم هل ترضون حكمي، قالوا: نعم سنرضى بحكمك، وبعدها التفت إلى اليهود وقالوا وهل ها هنا سيرضون حكمي، فقالوا: نعم سنرضى بحكمك.

ومن بين الصحابة واليهود بقي النبي عليه الصلاة والسلام، فنزل سعد بن معاذ رأسه ومن ها هنا يرضى بحكمنا، فكان يقصد رسول الله فقد استحى أن ينظر إلى الرسول ويقول له هل تقبل بحكمي،  فأجابه النبي أنا راضٍ بحكمك يا سعد، فقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ” الحجرات:2. فكان سعد يخجل ويستحيي من الرسول وكان في قمة الخجل، وكان في قمة الحياء وهو يكلم النبي عليه الصلاة والسلام.

قال سعد بن معاذ: أن حكمي هو أن يُقتّل رجالهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: الله أكبر، فقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات، فقد أصبت حكم الله يا سعد، فهذا هو حكم الله، والنبي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فبكى اليهود وقتّل رجال اليهود وسُبي النساء والأطفال وقسمت الأموال، فحكم الله قد أجراه على لسان سعد بن معاذ الذي قضى حياته في سبيل الله.

موت سعد بن معاذ:

وبعد عدة أيام يزوره النبي حتى قضى ومات رضي الله عنه، فلما مات سعد قال النبي عليه الصلاة والسلام: “اهتزّ العرش لموته” وبعدها حُمل إلى القبر، فقال الصحابة: كأننا لا نحمل شيء على أكتافنا، فأجابهم الرسول، بأن الملائكة نزلت وحملة نعش سعد عنكم، فلما أدخلوه القبر بكى النبي عليه الصلاة والسلام، وسألوه لماذا تبكي يا رسول الله: فقال لقد ضُمّ ضمة في القبر لو نجا منها سعد لنجى منها من بعده، أي بمعنى أن سعد بن معاذ لم ينجو من ضمة القبر، ولم يعنوا بالضمة التعذيب بل كانت ضمة القبر لسعد هي ضمة ترحيب به، فقبره روضة من رياض الجنة، وقال الرسول يقول مناديل سعد بن معاذ خير من الدنيا وما فيها، فبشره النبي عليه الصلاة والسلام بالجنة.


شارك المقالة: