اقرأ في هذا المقال
- قصة نبي الله يونس عليه السلام
- معنى كلمة نينوى
- غضب يونس عليه السلام الملقب “ذا النون”
- رحمة الله تعالى بيونس عليه السلام
قصة نبي الله يونس عليه السلام:
يقول الله تعالى: “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ –فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ“الأنبياء:87-88.
هنا سنتحدث عن قصة النبي يونس ابن متّى عليه السلام، وكان يعيشُ في بلدٍ تُدعى نينوى وهي بلدٌ في العراق، والتي ذكرها عداس خادم بستانِ الطائف، عندما ذهب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الطائف يطلب النصرة، فحرض أهل الطائف عليه غلمانهم وسفهاءهم فقذفوه بالحجارة حتى سالَ الدمُ من قدميهِ الشريفتين، فدخل إلى بستان، فرآه خادم البستانِ واسمهُ عداس، وأتى له بقطفٍ من العنب ليأكلهُ، ثم تكلم معهُ وأخبره عدّاس أنه من نينوى، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قريةُ العبد الصالح يونس، قال عدّاس: وما أدراك بالعبد الصالح؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “إنه نبيٌ وأنا نبي”.
معنى كلمة نينوى:
النون هو الحوت، وجمعه نينان مثلما تجمعُ حوت على حِيتَان، فهي مثلها وزناً ومعنى، فكلمة ذا النون، أي صاحب الحوت؛ لأن له مع الحوت قصة، كما أن النون هو اسم من أسماء حروف المعجم؛ ولكن أحياناً حرف المعجم يوافق اسماً له معنى، مثل الحرف “قاف” يوجد جبلٌ يسمى باسمه وهو جبل قاف، وحرف العين تسمى عليه عين الماء، والعين المبصرة، وحرف السين يسمى على نهر “السين” إذن قد يُصادف اسم الحرف اسم شيء آخر.
عندما غضب يونس بن متى؟ قالو؛ لأن قومه كذبوه وحذرهم من أن تكذبهم لمنهج الله تعالى سيجلبُ لهم المتاعب، ويُنزل عليهم غضب الله وعقابه، ولكنهم عصوا وتمردوا وتطاولوا وتأخر عنهم العذاب، فلما تأخر العذاب عنهم، خاف أن يكذبوه، فترك قومه ومشى، ولم يكن يعلم أن القوم قد تابوا، فأجل الله عنهم العقاب، ولكن يونس عليه السلام لم يعلم بهذه التوبة، فغضب لتأخر العذاب عنهم؛ لأنه خشي أن يشكوا في دعوته، ويكذبوه، فتركهم مغاضباً. وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراً؛ لأن قومه هم الذين دفعوه للهجرة، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام وهو يُغادر مكة: “والله إنّكِ لأحب بلادُ الله إلى نفسي، ولولا أن قومك أخرجوني ما ما خرجت”.
غضب يونس عليه السلام الملقب “ذا النون”:
لقد خرج ذا النون مغاضباً: “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ” الأنبياء:87. والظن ترجيحٌ، أي أنه اعتقد أن الله سبحانه وتعالى لن يضيق عليه، فأرضُ الله واسعةً وظنّ أنه سيجدُ مكاناً آخر يكونُ أهلهُ أكثر قبولاً للدعوة وأقلُ عداوةً له، ولكنه مرسل إلى هؤلاء، وكان لا بدّ أن يتحمل الأذى منهم، ولكن معارضة دعوه كانت شديدة، والتعنتُ كان فيها قاسياً من أهل هذه القرية نينوى.
إنّ بعض الناس يقولون: كيف يظنُ يونس عليه السلام وهو نبيٌ من الله لن يقدر عليه، وهذا جهل باستعمالات اللغة؛ لأنه لا يمكن أن يطرأ على ذهن عاقلٍ أن الله تعالى لا يقدر على شيءٍ؛ لأنه سبحانهُ على كل شيء قدير، إذن فمعنى: “فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ” أي أنه ظنّ أن الله لن يُضيقَ عليه ويُتعبهُ، بل سيبعثهُ إلى قومٍ أكثر طاعةٍ واستجابة من قوم الذين تركهم، فيسعدُ بطاعتهم واستجابتهم له، وذلك بدليل أنهُ نادى في الظلمات: “فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ“الأنبياء: 87. فهذا القول منه دليل على أنه يُريد من الله أن ينفس عنه كربته، وتنفيس الكربة لا يكون إلا بصفة القدرة له، إذن “لّن نقدِرَ” أي بمعنى أنه لن نضيق عليه، ونرسلهُ إلى قومٍ أفضل من قومه طاعةً واستجابةً.
رحمة الله تعالى بيونس عليه السلام:
ونحن الآن بصدد قصة يونس عليه السلام مع الحوت، وكيف نجاهُ الله من الابتلاء الشديد، فهناك شبهةً يُرددها خصوم الإسلام، وغير الفاهمين، حول قول الله تعالى في قصة يونس عليه السلام: “فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ – لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ” فقالوا كيف يبقى في بطن الحوت إلى يوم القيامة، مع أنه إن استمر في بطن الحوت، فإنه سيموت يونس عليه السلام ويموت الحوت أيضاً، عندما يجيء أجله، ولن يستمر أحد منهما إلى يوم يُبعثون.
فهذه هي الشبهة، وقد فات هؤلاء أن هناك نظرية اسمها نظرية الاحتواء، مثلما تأتي بكوبٍ وتضع فيه قطعة سكر، وتذيب السكر في الماء فتصبح كل جزيئة من الماء فيها جزيئة من السكر، وهنا نقول: إنّ الماء احتوى السكر؛ لأن الاحتواء يكون للأكثر، فلو أنّ يونس سيموت، والحوت سيموت فسيتحولانِ إلى ذراتٍ بعد الموت، تتفاعلُ مع بعضها، فحجم يونس وذراته أقل من حجم الحوت وذراته، فالحوت هو الذي احتوى يونس إلى أن تقوم الساعة، في ذراته المنثورة في الكون، إذن فالتعبير القرآني صحيح، ولكن هؤلاء لم يفهموا المقصود منه.