وثيقة المدينة التي كانت بين الرسول واليهود

اقرأ في هذا المقال


ما هي وثيقة المدينة التي كانت بين الرسول واليهود؟

تُعتبر معاهدات ووثائق النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود سواء أكانت في المدينة المنورة أو خارج المدينة المنورة صورة واضحة وشديدة الأهمية من المعاهدات والوثائق التي كان يقوم بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بسبب اتساع دائرة احتكاك اليهود بدولة الإسلام في عهد النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم، برغم ما وصلت إليه أغلب تلك المعاهدات والوثائق من غدر الجانب اليهودي لها، وبرغم اتصال واستمرار الوفاء النبوي العظيم لتلك المعاهدات، وهذا الأمر يوضح لنا صورة من الصور المشرقة للثبات الديني والأخلاقي والالتزام بالمعاهدات والوثائق عند المسلمين، وعلى رأسهم أسوتنا وقدوتنا حبيبنا المصطفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

يهود المدينة المنورة منهم ذو أصول العربية، وهم من الذين تهوَّدوا (أصبحوا يهوداً) وذلك بعد اختلاطهم واحتكاكهم باليهود، مثل يهود بني عوف وغيرهم من القبائل اليهودية، وكل تلك القبائل تعتبر فروع من قبيلة الأوس وقبيلة الخزرج من الذين تم ذِكْرُ قبائلهم في عهد المدينة المنورة الشهير، وهو العهد الذي أبرمه النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود وذلك بعد هجرته عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، ومن تلك القبائل اليهودية هناك قبائل ثلاث مشهورة وهم: يهود بنو قينقاع ويهود بنو النضير ويهود بنو قريظة، وقد كان هؤلاء اليهود ينتسبون بشكل عرقي إلى اليهود.

معاهدات الرسول مع يهود المدينة

عقب بيعة العقبة الثانية هاجر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- نحو المدينة المنورة، حيث كانت القوَّة المسيطرة في المدينة المنورة لليهود، وقد كانت قبيلتي الأوس والخزرج يعرفون وقتها قوَّة اليهود وما لديهم من سيطره كبيرة من الناحية الاقتصادية ومن الناحية الدينية في ذلك الزمان، حيث قد سلك معهم الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- مسلكًا وطريقاً يتماشى ويتناسب مع طبيعة المرحلة المهمة جداً، والتي كانت تمرُّ بها دولة الإسلام في ذلك الوقت من الزمان، حيث عقد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مع اليهود معاهدة تضمن لليهود جميع حقوقهم وتُعَرِّفهم ما لديهم من واجبات في ظلِّ دولة الإسلام وفي الدولة التي يعيشون في رحابها.

بنود معاهدة المدينة

كانت هناك عدد من الوثائق والبنود التي عهد بها الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- مع القبائل اليهودية، التي كانت تكمن في المدينة المنورة في أعقاب هجرة النبي الكريم محمد، فقد كانت تنصَّ تلك الوثائق علي: 

  • إن يهود بني عوف هم أُمَّة مع المؤمنين، وأن لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم.
  • إن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم‏.
  • إن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة‏، وإن بينهم النُّصح والنصيحة، والبرَّ دون الإثم‏.
  • لا يأثم امرؤُ بحليفه‏.
  • النصر للمظلوم‏.
  • أن اليهود يُنفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين‏.
  • إن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة‏.
  • ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو شجار يخاف فساده فإن مردَّه إلى الله –عز وجل، وإلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم‏.
  • لا تُجَارُ قريشٌ ولا مَنْ نَصَرَهَا‏.
  • إن بينهم النصر على من دهم يثرب‏ وعلى كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قِبَلَهُمْ‏، وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم‏.

وقفات مع وثيقة المدينة

كان اليهود هم أقرب مَنْ كان يُجاور المسلمين في المدينة المنورة، مع أنهم كانوا يخفون العداوة للمسلمين حينها، إلاَّ أن اليهود لم يكونوا قد أظهروا أي مقاومة أو أي خصومة حينها؛ فعقد وقتها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود تلك المعاهدة، وهي المعاهدات التي قرَّر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لهم فيها النصيحة والخير والودّ، وقد ترك لهم فيها كامل الحرية في الدين والمال، ولم يتَّجه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى سياسة الإبعاد أو إلى المصادرة أو إلى الخصام.

إن نصوص تلك الوثيقة التي أجراها النبي محمد مع اليهود تُثْبِتُ بشكل لا يدع أي مجال لأي شكِّ بما كانت عليه حينها دولة الإسلام وهي في مرحلة شديدة الأهمية من البناء والتأسيس ونشر الدين والحرية الكاملة للناس، والإفساح للناس للمشاركة والاحتكاك القائم على الاحترام والود، كما يظهر هذا الأمر من خلال ما كُتب في بنود هذه الوثيقة النبوية، فإن “قبول الآخر”، وأيضاً التشريع لأجله ولأجل كل من يقوم بتنظيم حياته بين كل أفراد المجتمع المسلم.

لقد كان هذا العهد الذي أبرمه النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود بمثابة أول معاهدة وأول وثيقة تُوَقِّعها دولة المسلمين مع طائفة (فئة أو مجموعة من القبائل) أخرى تقوم على دين غير دين الإسلام، ولكن رباط “المواطنة” كان يَشدُّها إلى الدولة الإسلامية.


شارك المقالة: