مراتب القراءة في علم التجويد

اقرأ في هذا المقال


خلق الله تعالى البشر على مستويات مختلفة بالقدرة على التعلم والفهم والإدراك، ولكل فرد قدراته الخاصة في التعلم، وبناءً على ذلك وضع علماء التجويد مراتب في تلاوة آيات القرآن الكريم، تتباين فيما بينها في سرعة القارئ، وطريقة ترتيله، والتمكن من تطبيق الأحكام، وكانت على هذه المراتب على ثلاث مستويات، سنتعرف عليها بالتفصيل في هذا المقال.

صفة الترتيل في مراتب قراءة القرآن

ويٌقصد بالترتيل قراءة آيات القرآن الكريم باطمئنان وتدبر من غير عجلة، مع تدبر معانيها ومراعاة تطبيق أحكام التجويد، وتكون صفةُ الترتيل صفةً ملازمة لكل مرتبة من مراتب القراءة الثلاث، حيث ذُكرت هذه الصفة في القرآن الكريم، وجاء أمر الله تعالى بها لنبيه الكريم في سورة المزمل في قوله تعالى: “أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا” آية (4)، وجاء في قوله تعالى: “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا” سورة الفرقان 32.

مرتبة التحقيق في قراءة القرآن الكريم

ويتضمن مفهوم التحقيق هنا الوصول والبلوغ، أي تحقيق ما يجب تحقيقه لإظهار الشيء وتوضيحه، دون زيادة أو نقصان، ويٌقصد بالتحقيق هنا بلوغ الشيء لحقيقته، ويعني التحقيق في علم التجويد أن يعطي القارئ كل حرف حقه في اللفظ والضبط والحكم، مطبقاً ما يستحقه من مد وغنة، والالتزام بأزمنة المدود والحركات وإتمامها، مع مراعاة الهدوء، وإظهار الاطمئنان في القراءة.

إضافة إلى أنّ هذه الطريقة هي الطريقة الأمثل للمبتدئين في قراءة القرآن الكريم، وتسهيل التعرف على علم التجويد، والقدرة الأكبر على تطبيق الأحكام.

مرتبة الحدر في قراءة القرآن الكريم

الحدر هو الهبوط أو النزول، وهو لفظ يتضمن مفهوم السرعة كجزء أساسي فيه، وهو أن يدرج القارئ في القراءة بسرعة ظاهرة فيها، والاهتمام بتوصيل الحروف وعدم قطعها، وعدم وضوح لفظها بشكل كافٍ، وفيه مضيعة للغنن وعدم مد المدود اللازمة وقصرها في مواضع لا يجوز فيها القصر، والإفراط في عدم الالتزام بالأحكام وقواعد الضبط واللغة.

وتأتي مرتبة الحدر في قراءة القرآن الكريم في المستوى الثالث من مراتب قراءة القرآن الكريم، وتعد مرتبة الحدر من مرتبة المهرة من العلماء، ولا يمكن لغيرهم القراءة بمرتبة الحدر، فهي مرتبة تتطلب الحذر الشديد أثناء القراءة، وتحتاج لإتقان القراءة منذ زمن طويل، والتدريب على المحافظة على صحة القراءة، وتكون مرحلة التحقيق بداية لمرحلة الحدر، ثم مرحلة التدوير، للوصول بالتالي إلى مرحلة الحدر، التي تمثل المرحلة الأخيرة، من مراتب قراءة القرآن التي تقوم على السرعة في القراءة.

مرتبة التدوير في قراءة القرآن الكريم

أما مرتبة التدوير فتتضمن التوسط بين شيئين، وفي علم التجويد يُقصد به التوسط في السرعة في قراءة القرآن الكريم، وتقع هذه المرتبة بين مرتبتي التحقيق والحدر، فيكون القارئ أسرع بالقراءة في مرتبة التدوير من القراءة في مرحلة التحقيق، وأقل سرعة منها في مرحلة الحدر، وهي المرتبة الأكثر اعتماداً عند أغلب القراء، وتعد المرتبة الأمثل لتلاوته القرآن الكريم، فهي القراءة التي يطمئن بها القارئ ويتدبر، ويفهم، وينتفع من خير قراءة القرآن الكريم، ويفهم معانيه، ويتعظ بما يستنتجه من عظات.

شروط مراتب التلاوة

وبعد أن يتعرف القارئ على مراتب القراءة ويتمكن منها، لا بدّ له من أن يلتزم بشروط معينة عند اختيار تطبيق أي مرتبة من تلك المراتب، ومن هذه الشروط ما يلي:

  1. الإخلاص في هذه العبادة، وإرادة وجه الله تعالى ورضاه، عند قراءة القرآن بأي مرتبة كانت.
  1. التجرد من الوقوع في الخطأ، والتعثر في القراءة، للابتعاد عن معصية الله تعالى، وتطبيق القراءة في المرتبة المختارة كما يجب أن تكون.
  1. تدبر الآيات الكريمة، ومعرفة معانيها، والأخذ بالمراد منها من مقاصد.
  1. تعلم الأحكام الشرعية الواردة في الآيات الكريمة خلال القراءة.
  1. التدريب الجيد قبل الإقبال على تطبيق المراتب المتقدمة من القراءة.
  1. الاستماع الجيد للقراء المهرة، والشيوخ المتمكنين من مراتب القراءة، للوصول إلى درجة الإتقان التي تمكن القارئ من تطبيق مراتب القراءة.

أفضل مراتب التلاوة

لعلم التجويد فضل كبير من بين العلوم الأخرى، وهو علم ذو قدر عالٍ؛ لأنه علم متعلق بالقرآن الكريم، حيث يستمد علم التجويد فضله من فضل القرآن، وارتباطه به، كما تنبع أهمية علم التجويد من تلك العلاقة التي توصله بالقرآن الكريم.

وتعتبر مراتب تلاوة القرآن الكريم من أهم مضامين علم التجويد، وقد عني العلماء بترتيب هذه المراتب حسب أفضليتها، في تحقيق المراد من القراءة والتجويد، فكانت مرتبة التحقيق موصوفة بالترتيل من أفضل المراتب.

تليها مرتبة التدوير والتي تعدّ المرتبة الأوسط في مراتب قراءة القرآن، ثم تأتي مرتبة الحدر بآخر المراتب، لعدم قدرة أي قارئ على إتقان أحكام القراءة والتجويد في هذه المرحلة، وحاجتها إلى الكثير من العمل والتدريب للتمكن من إتقان القراءة في هذه المرحلة.

مراعاة أحكام التجويد في مراتب التلاوة

أوجب العلماء على القارئ مراعاة أحكام التجويد في كافة مراتب تلاوة القرآن الكريم، وعلى الراغب في تلاوة القرآن الكريم، وحفظه، أن يكون ملتزمًا بكل ما يتعلق بالقراءة والتجويد من أحكام وقواعد، حسب ما لديه من قدرة على ذلك، وأن يلفظ الحروف من مخارجها الصحيحة، وإظهار صفاتها اللازمة، ومراعاة مد المدود، وتطبيق الغنن والإدغام والإخفاء، وإظهار ما يلزم إظهاره، وتطبيق الأحكام بمواضعها المناسبة.

ولا يجوز للقارئ إسقاط حكم من أحكام التلاوة في أي مرتبة من مراتبها، وخاصة مَن تتاح له فرصة تعلم أحكام التلاوة والتجويد، فلا مبرر لهذا عند القراءة بطريقة خاطئة، وهو بذلك آثم.


شارك المقالة: