اقرأ في هذا المقال
- أخذ الأجرة على قراءة القرآن .
- آراء الفقهاء في أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعليمه
- حكم المداواة بالقرآن .
أخذ الأجرة على قراءة القرآن .
تعليم القرآن فرض كفاية، وحفظه واجب على الأمَّة، حتى لا ينقطع عدد التواتر فيه حفظاً، ولا يتطرَّق إليه التبديل والتحريف؛ عن عثمان بن عفان:] خيرُكم من تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَه . سنن أبي داود ١٤٥٢ • سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكَّة كل ما سكت عنه فهو صالح]
آراء الفقهاء في أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعليمه :
فذهب الجمهور – منهم مالك والشافعي – إلى جواز أخذ الأجرة على ذلك، واستدلوا بما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال عن عبدالله بن عباس:] أنَّ نَفَراً مِن أصْحابِ النبيِّ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرُّوا بماءٍ، فيهم لَدِيغٌ أوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لهمْ رَجُلٌ مِن أهْلِ الماءِ، فَقالَ: هلْ فِيكُمْ مِن راقٍ، إنَّ في الماءِ رَجُلًا لَدِيغًا أوْ سَلِيمًا، فانْطَلَقَ رَجُلٌ منهمْ، فَقَرَأَ بفاتِحَةِ الكِتابِ على شاءٍ، فَبَرَأَ، فَجاءَ بالشّاءِ إلى أصْحابِهِ، فَكَرِهُوا ذلكَ وقالوا: أخَذْتَ على كِتابِ اللَّهِ أجْرًا، حتّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أخَذَ على كِتابِ اللَّهِ أجْرًا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أحَقَّ ما أخَذْتُمْ عليه أجْرًا كِتابُ اللَّهِ. البخاري (٢٥٦ هـ)، صحيح البخاري ٥٧٣٧
عن سهل بن سعد السَّاعدي: جاءَتِ امْرَأَةٌ إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَتْ: إنِّي وهَبْتُ مِن نَفْسِي، فَقامَتْ طَوِيلًا، فَقالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيها إنْ لَمْ تَكُنْ لكَ بها حاجَةٌ، قالَ: هلْ عِنْدَكَ مِن شيءٍ تُصْدِقُها؟ قالَ: ما عِندِي إلّا إزارِي، فَقالَ: إنْ أعْطَيْتَها إيّاهُ جَلَسْتَ لا إزارَ لَكَ، فالْتَمِسْ شيئًا فَقالَ: ما أجِدُ شيئًا، فَقالَ: التَمِسْ ولو خاتَمًا مِن حَدِيدٍ فَلَمْ يَجِدْ، فَقالَ: أمعكَ مِنَ القُرْآنِ شيءٌ؟ قالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذا، وسُورَةُ كَذا، لِسُوَرٍ سَمّاها، فَقالَ: قدْ زَوَّجْناكَها بما معكَ مِنَ القُرْآنِ. صحيح البخاري ٥١٣٥ • [صحيح] • أخرجه البخاري (٥١٣٥)
وذهب الحنفية إلى تحريم أخذ الأجرة على قراءة القرآن وتعليمه، واستدلوا [عن عبادة بن الصامت :علمت ناساً من أهل الصفَّة الكتاب والقرآن فأهدى إليَّ رجل منهم قوساً فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجلَّ لآتين رسول اللهِ ﷺ فلأسألنه فأتيته فقلت يا رسول اللهِ رجل أهدى إليَّ قوساً ممَّن كنت أعلِّمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله قال إن كنت تحبُّ أن تطوّق طوقاً من نارٍ فاقبلها . أبو داود (٢٧٥ هـ)، سنن أبي داود ٣٤١٦ .
وما روي عن عبدالرحمن بن شبل: اقرَؤُوا القُرْآنَ ولا تَغْلُوا فيه ولا تَجْفُوا عنْهُ ولا تَأْكُلُوا بِهِ ولا تَسْتَكْبِرُوا بِهِ وسمعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ إنَّ التجارَ همُ الفجارُ قالوا يا رسولَ اللهِ ألَيْسَ قَدْ أحلَّ اللهُ البيعَ قال بَلى وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ فَيَكْذِبُونَ وَيَحْلِفُونَ ويَأْثَمونَ. وَسَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ إنَّ الفُسّاقَ هم أهْلُ النارِ قالوا يا رسولَ اللهِ ما الفُسّاقُ قال النساءُ قال رجلٌ يا رسولَ اللهِ أَلَيْسُوا أمَّهاتِنا وَأَخَواتِنا وأَزْواجِنا قال بَلى وَلَكِنَّهُنَّ إِذا أُعْطِينَ لم يَشْكُرْنَ وإِذا ابْتُلِينَ لم يَصْبِرْنَ . الهيثمي (٨٠٧ هـ)، مجمع الزوائد ٤-٧٦ • رجال الجميع ثقات.
وفي حاشية العلّامة ابن عابدين ( رد المحتار على الدر المختار) : أنَّ أصول المذهب تقتضي أنّ الإجارة على الطَّاعات غير صحيحة، لأنَّ كلَّ طاعة يختصُّ بها المسلم لا يصحُّ الاستئجار عليها، ولأنَّ كلَّ قربة تقع من العامل إنَّما تقع عنه لا عن غيره، فلو لم يكن أهلاً لأدائها لا تقع منه، فلا يصحُّ له أن يأخُذ عليها أجراً من غيره .
ولكنَّ المتأخرين من الحنفية أفتوا بجواز أخذ الأجرة على بعض الطاعات للضرورة، فأجازوا أخذ الأجرة على تعليم القرآن، خوفاً من ضياعة، ومثله تعليم الفقه وغيره من العلوم الشرعية حتى لا يبقى الناس جُهَّالاً في دينهم، وكذا أجازوا أخذ الأجرة على الأذان، والإمامة، والخطابة، والتدريس، والوعظ، خوفاً من تعطيلها.
والأصل عدم اتخاذ القرآن وسيلة للتكسُّب أو للتسوُّل، وعدم قراءته من غير اتعاظ أو خشية، كما يحصل في بعض مجالس الولائم والمآتم .
حكم المداواة بالقرآن .
المداواة بالقرآن أو ما يسمَّى بالرقية الشرعية، وهي قراءة القرآن على المريض بقصد الاستشفاء جائزة، وأخذ الأجرة عليها أيضاً، فقد روي عن عائشة أم المؤمنين: كانَ رَسولُ اللهِ صَلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذا مَرِضَ أَحَدٌ مِن أَهْلِهِ، نَفَثَ عليه بالمُعَوِّذاتِ، فَلَمّا مَرِضَ مَرَضَهُ الذي ماتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عليه وَأَمْسَحُهُ بيَدِ نَفْسِهِ، لأنَّها كانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِن يَدِي. وفي رِوايَةِ يَحْيى بنِ أَيُّوبَ: بمُعَوِّذاتٍ. مسلم (٢٦١ هـ)، صحيح مسلم ٢١٩٢ •
وفي رواية أخرى عن أبي سعيد الخدري: كُنّا في مَسِيرٍ لنا فَنَزَلْنا، فَجاءَتْ جارِيَةٌ، فقالَتْ: إنَّ سَيِّدَ الحَيِّ سَلِيمٌ، وإنَّ نَفَرَنا غَيْبٌ، فَهلْ مِنكُم راقٍ؟ فَقامَ معها رَجُلٌ ما كُنّا نَأْبُنُهُ برُقْيَةٍ، فَرَقاهُ فَبَرَأَ، فأمَرَ له بثَلاثِينَ شاةً، وسَقانا لَبَنًا، فَلَمّا رَجَعَ قُلْنا له: أكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً – أوْ كُنْتَ تَرْقِي؟ – قالَ: لا، ما رَقَيْتُ إلّا بأُمِّ الكِتابِ، قُلْنا: لا تُحْدِثُوا شيئًا حتّى نَأْتِيَ – أوْ نَسْأَلَ – النبيَّ ﷺ، فَلَمّا قَدِمْنا المَدِينَةَ ذَكَرْناهُ للنبيِّ ﷺ فقالَ: وما كانَ يُدْرِيهِ أنَّها رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي بسَهْمٍ . البخاري (٢٥٦ هـ)، صحيح البخاري ٥٠٠٧ •